بين يدي قصة مؤلمة وحزينة ، تتقطع لها الأفئدة وتنهمر لأجلها الدمـوع ، قيلت في مذياع إذاعة البحرين صباح أمس ، من رواها لي لم يتماسك نفسه من الحزن وهو يشرح لي كيف كانت الأم تتكلّم وهي تبكي في برنامج صباح الخير الإذاعي .
تقول القصة إن طفلاً اسمه سلمان ، في الربيع السابع من عمره ، كان يلعب في إحدى الحدائق العامة بالمحرق ، وكان في داخل الحديقة خيمة تم نصبها لبيع بعض المعروضات التابعة لأحد المحلات التجارية . كان بالجوار هنالك تمديدات كهربائية ( مكشوفة أو متروكة ) براءة الأطفال لم تتح لسلمان أن يكتشف خطورتها – أصلاً حتى الكبار قد لايتوقعونها – التي قد تودي بالحياة .
لحظات فقط هي الفاصلة بين حيوية الطفل سلمان ونشاطه ولعبه وبين أن يكون مسجى ًعلى سرير العناية ، مشلولاً لايقوى على الحركة أو الكلام ، في تلك اللحظات كان قد لمس سقف خارجي لأحد المكيفات الذي كان به ( شوت ) فصعقته الكهرباء ولولا الجهود المشكورة للأطباء الذين قدّموا له الإنعاش والإسعاف اللازم لفَقَدَ سلمان حياته آنذاك .
على أن القصة لم تنته عند هذا الحدّ ؛ فقد مضى سلمان على حالته تلك حوالي شهرين ، وأمه المكلومة تطرق كل الأبواب ، تناشدهم علاج طفلها ذي السبع السنوات في الخارج حيث أخبرها الأطباء بتعذر علاجه (السكتة الدماغية) هنا ، بل وأن هذه (السكتة) قد تستجيب فقط للعلاج التأهيلي في الثلاثة الأشهر الأولى من الإصابة التي لاندري من يتحمّل وزرها وتبعاتها ، ومن يتحمّل علاج فلذة كبدهم وإعادته إلى سويّة طفولته وصحته .
المؤكد أن هناك خطأ ما – إن لم يكن جريمة إهمال – قد تسبب في أن يغيب سلمان عن مدرسته ، وأن يفقد حركته ، وكذلك يفقد طفولته ، وأياّ كانت الجهة المسؤولة التي لم تتحدّد حتى بعد مرور مايقارب الشهرين ؛ فإن هنالك طفلاً بحاجة ماسّة وسريعة للعلاج وإنقاذ حياته ينبغي على وزارة الصحة أن تتصرّف انطلاقاً من واجباتها ومسؤولياتها ، وألاّ تترك مجالاً لأن تلجأ مثل هذه الأم المفجوعة بطفلها لأن تُطلق نداءات ومناشدات ( باكية ومبكية ) ما كان لها أن تُذاع لو كانت هنالك آليات حاسمة وسريعة ونافذة تتعامل مع هذه الحالات الإنسانية بالغة الصعوبة ، تتضاءل أمامها البيروقراطية وتُختصر إزاءها الإجراءات وتُقصّر المسافات ، وتجعل من مسألة علاج سلمان ( وأمثاله ) في الخارج أمراً طبيعياً وحقّا مكتسباً لا يحتمل التأجيل ولا يحتاج إلى التأخير خاصة إن كان ناجماً عن حادث مأساوي مثل الذي تعرّض له الطفل سلمان .
سانحة :
وافر الشكر والتقدير نسديه إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر على مواقفه الأبوية ومتابعته الحانية للحالات والمشكلات التي يعرضها الناس ، ويكون سموّه ملجأهم لمعالجتها ، وكذلك العاملين في ديوان سموّه ممن لايبخلون في المتابعة .
لكن المفترض أن أجهزة الدولة ووزاراتها ومؤسساتها كفيلة برعاية وعلاج أمثال ( سلمان ) والوقوف معهم في محنهم وعند ضوائقهم وملمّاتهم باعتباره حقّا مكتسباً ترعاه الدولة وتحافظ عليه في ظل قيادتنا الرشيدة من دون حاجة لأن يتدخل أحد في مقام سمو رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه للأمر بالعلاج أو المساعدة تجاه حل أو تذليل مشكلة هنا أو هناك ، هكذا يُفترض لولا أن البعض قد لا يشعرون بواجباتهم ومسؤولياتهم.