راصد

خليفة الحوطي

هو ممن قضوا زهرة شبابهم وأفنوا سني أعمارهم في خدمة الوطن ومضى جلّ حياتهم في أحد أهم مجالات الخدمة العامة وأنبلها ، التربية والتعليم ، حيث تخرّجت على يديه أجيال لازالوا يدينون له بالفضل بعد المولى عز وجل في تعليمهم وتزويدهم بشتى أنواع العلوم والمهارات . عرفته مدارس البحرين فارساً مخلصاً ، صاحب جهد لايفتر ، وعزيمة لاتهدأ ، يصل نهاره بليله في مجال عمله الذي أحبّه وأعطاه الغالي والنفيس من وقته وصحّته وجهده ، ولم يبخل عليه بأي شيء طوال حوالي ثلاثين سنة قضاها في رحاب هذه المهنة ( المقدّسة ) سواء في صفوف التحصيل الدراسي مع المعلمين أو في وظائف مدراء المدارس التي تدرّج فيها ليكون فيما بعد مديراً لإدارة التعليم الابتدائي التي هي من أكبر وأهم الإدارات التعليمية . لم يتم اختياره وتعيينه لها إلاّ بسبب إخلاص وكفاءة يشهد بها جميع من درس على يديه أو تعامل معه حتى أصبح أحد الأعلام والنماذج التربوية التي يُشار لها بالبنان عند الكلام عن رجالات البحرين في مجال التربية والتعليم .

شاء القدر قبل حوالي ثلاثة أشهر أن يتعرّض هذا المربي الفاضل لحادث مروري ، أصيب على أثره إصابة بليغة ، انتشر خبر إصابته وحزن الكثيرون لأجله وارتفعت أكفّ الضراعة بالدعاء لشفائه ، ولفضله ومكانته اهتمّ الجميع بخبر الحادث والإصابة حتى أن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر قد أمر بعلاجه وتقديم كافة التسهيلات لذلك .

غير أن هذا المربي الفاضل ، بعد مرور كل هذه الأشهر ، لايزال على سرير المرض ، بين الحياة والموت في انتظار علاج لا أحد يدري متى يأتي ؟! ولماذا يتأخر ؟! الأطباء  يطالبون بسرعة نقله للعلاج في الخارج ، والأمر الكريم من رئيس الوزراء قد صدر ابتداء ، ومع ذلك أهله وأقاربه ومعهم أحبائه وتلاميذه يستغربون هذا التأخير والتعطيل حتى أن هنالك حملات  على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو للتبرّع لعلاج هذا الأستاذ الفاضل ، وفاء وعرفاناً لفضله ومكانته . والصحيح أن الدولة هي الأولى بأن تقوم بهذا الدور ولاتتأخر فيه أو تتجاهله ، ولاتسمح بأن يكون مثل هذا الحق ( العلاج بالخارج ) رمادياً ، بين الأبيض والأسود ، أو هلامياً بين الأخذ والرد ، أو تجعله يكاد يكون أقرب إلى التسول لأنــاس قضوا زهرة حيـــاتهم وأفـنوا سـني أعمارهم في خدمــة وطنهم باعتبار أن ذلك شــرف عظيم وقــدر كريم يفني فيه الإنســان شبابه وأيام صحته أملاً في أن يلقى التقدير والعرفان عند مرضه وإصابته وحاجته ؛ هذا هو المفروض وهذا هو المأمول اليوم ، وليس الغد ؛ ليس لأجل خليفة الحوطي فقط وإنما لأجل أن يقتنع ويطمئن كل إنسان مخلص أعطى وخدم بلده أنه لن يُترك للعوز والحاجة ، خاصة عند مرضه .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s