أما في القرآن الكريم ؛ فقد ورد ذكر الغراب في سورة المائدة في قوله تعالى : “فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِى الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ”. وذلك عند قصة قابيل وهابيل حينما قتل أحدهما الآخر وتركه في العراء لأنه لا يعلم كيف يدفن ، فبعث الله غرابين أخوين فاقتتلا، فقتل أحدهما صاحبه، فحفر له ثم حثى عليه . فكان الغراب أوّل “حانوتي ” عرفته البشرية .
وأما في أعراف الناس ومعيشتهم فإن الغراب نذير شؤم وسوء ، ونعيقه قبيح ومزعج ويتضايقون من سماع صوته أو رؤيته إضافة إلى لونه الأسود . وقد أورد الجاحظ في كتابه الحيوان أن الناس (يتشاءمون به ويتطيرون منه) حتى أنه يُقال ” أن العراقيين لا يسافرون ولا يتزوجون إذا ما نعق غراب على مسامعهم”. وق استقر عند العرب منذ قديم الزمان ” أنه كلما كثر نعيق الغربان في مكان فهناك دلالات على أن هناك شيء ما يُدبر فوق الأرض ، فإما أفعى تريد أن تتلقف الصغار في عشها أو هناك ثعلب أو ذئب يكشّر عن أنيابه للبدء في المكر بالانقضاض على وجبة جديدة “. لالشيء سوى ان هذا الطير ( الغراب ) قد اتخذ الكثير من الصفات والممارسات التي ألبسته كل هذه النعوت السيئة ، فهو يُعرف بين الطيور وعموم الحيوانات بأنه آكل للجيف ، يعتمد على صيد الغير، وعادة ما يكون الأول في أي مشهد للخراب وما شابهها من صفات وأعمال جعلته مكروهاً ومصدراً للشؤم والحزن وتوقع الشر .
على أن ( الغربان ) مصطلح بدأ يدخل في عالم السياسة في عصرنا الأنكد ، وتعدّى عالم الطير والحيوان ، وصار يُستخدم بشكل متزايد تجاه زيارات وجولات ومقابلات لشخصيات أمريكية وغربية تزور بلداننا وتقدّم نفسها كحمائم للسلام ودعاة للإصلاح والحريات والديمقراطية وحماة لحقوق الإنسان بينما هي في حقيقتها إنما ( غربان ) آكلة لحوم وجيف ، تقتات على الدماء والأشلاء ، ووراءها ما وراءها من الشرّ والشؤم الذي لايقلّ عماّ يُضفيه الغراب الحقيقي من تطيّر وسوء في الصوت والشكل والفعل ، وندعو الله تعالى أن يحفظنا من شرورهم .