راصد

الخلط بين الخطط والاستراتيجيات

لاتكاد تخلو صحافتنا ووسائل الإعلام بشكل يومي أو أسبوعي من مصطلحات وألفاظ واسعة وفضفاضة مثل : خطة أو استراتيجية أو توجهات أو رؤية أو ما يدور في فلك تلك المصطلحات التي بسبب كثرة طرحها والتصريح بها فقدت قيمتها وضاعت مدلولاتها ، وربما صارت كما البضاعة الكاسدة التي لايشعر الزبائن بأهميتها ولاتستقطبهم مضامينها بالرغم من الأضواء والبهرجة التي حولها.

والمصطلحات المذكورة تحمل معاني ومدلولات علمية يجري تدريسها وتناولها في المعاهد والجامعات ، بل هي تخصصات علمية قائمة بذاتها ؛ لا ينبغي طرحها أو التهوين من شأنها على النحو الحاصل الآن عند مسؤولينا بحيث أنها صارت عندهم مجرّد أدوات بحث عن سبق أو بروز إعلامي أو ما شابه حتى لو كان على حساب – مثلما يقولون – بيع هواء على المواطنين بوعود مفتوحة الآجال والآماد .

ونتج عن هذا الاستخدام غير الصحيح لهذه المصطلحات الكبيرة عدّة مساويء ، لعلّ أهمّها أمرين : أولاً : نشوء خلط بين معانيها حيث تساوت – تقريباً – عند هؤلاء المسؤولين الخطة مع الاستراتيجية مع الرؤية رغم أن البون شاسع بينها، ولكل مصطلح منهم معنى واستخدام مختلف عن الآخر لايصحّ الجمع بينهم واعتبارهم شيئاً واحداً ومتماثلاً .

هذا الخلط ( بين الخطط والاستراتيجيات ) يحدث عند الكلام في الإسكان والبلديات والإعلام وغيرها من المرافق والخدمات التي يمكن بسهولة اكتشاف أنها مجرّد وعود أو أمنيات أو طموحات ناشئة عن اجتماع أو توصيات ندوة أو مؤتمر صحفي أو … إلخ لاتقوم على برامج ومخصصات مالية وفترات زمنية محددة .

على أن الأمر الثاني ( والأهم ) في الاستخدام غير الصحيح لهذه المصطلحات هو ارتباطها ( الخطط والاسترايجيات ) بشخص الوزير وتعلّقها بتوجهاته و- ربما – بكفاءته وإمكانياته فيُصار إلى أنه حينما يأتي وزير في أي وزارة يمكن أن ينسف جهود وإنجازات سابقيه ويبدأ في إنشاء أو ( التصريح ) عن خطط و استراتيجيات أخرى ، وتتوصل إمكانياته وقدراته إلى فشل أو عجز الخطط والاستراتيجيات السابقة . وبالتالي يبقى التخطيط والإنجاز مناط ومتعلق بشخصية الوزير بغض النظر عن أية آليات للقياس والتقييم والبحث والدراسة والتمحيص يُفترض وجودها وممارستها لعملها بصورة قائمة على أصول فنية وعلمية وإدارية لاتترك مجالاً لأن يكون مثل هذه القرارات محكومة برؤى وتوجهات فردية للوزير ، تدور معه حيث دار وتنقلب تلك الخطط عندما يتبدّل بوزير آخر فتكون مؤسساتنا ووزاراتنا بمثابة شبه ملك خاص للوزير لا يشاركه فيها وكلاؤه أو وكلائه المساعدين أو المدراء أو اللجان أو ما شابهها من آليات ومقومات العمل المؤسسي والجماعي المفترضة .

سانحة :

من أقوال الحكماء : كلما ازداد الإنسان غباءً كلما ازداد يقيناً بأنه أفضل من غيره في كل شيء .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s