نافذة الجمعة

عذراً ياأنغولا

لست أنت سوى إضافة جديدة في بحر متلاطم الأطراف من أحوال الضياع والتفريط بالإسلام والمسلمين ، وعدم الإحساس بمحنتهم والانتصار أو الانتفاضة و( الفزعة ) لمآسيهم وويلاتهم حتى أصبح المسلمون كالأيتام على موائد اللئام ، ينال من لحومهم ويسفك دماءهم وينتهك حرماتهم وكرامتهم كل دعيّ وأفّاك وسفّاح من دون أن يشعر المجرم أن هنالك أمة تُقدّر أعدادها بمئات الملايين ستنهض للدفاع عنهم .

لست الأولى ياأنغولا : وبالطبع لن تكوني الأخيرة – في مسلسل الضعف والهوان ، فقد سبقك دول ومدن عزيزة في العقد الإسلامي قبل أن ينفرط ، هاهي ضاعت فلسطين ونساها المسلمون ولم يعودوا يذكروا احتلالها واغتصاب أراضيها ، ولا يسألوا الآن عن تدنيس أقصاها الذي هو قبلة المسلمين الأولى ومسرى رسولها صلى الله عليه وسلّم ، هم الآن أسرى في أوطانهم وبعضهم محاصرين برا وبحراً وجوا ، بلاكهرباء ولاطعام ولادواء .

أما العراق ، مهد الحضارات ، ومهبط الرسالات السماويّة، ومنبع الأولياء والعلماء والشهداء والصديقين ، أحد أهم حواضر أمة العروبة والإسلام ، وأحد بوابات الدفاع عن عزتها والذود عن حياضها . العراق التي يُفتخر بتاريخها الخالد ومجدها الذي هو وسام على صدر الأمة ، العراق التي يُقال أن هناك تقريراً صدر عن الأمم المتحدة في أوائل الثمانينات كادوا أن يخرجوا فيه العراق من لائحة الدول النامية إلى لائحة الدول المتقدمة .

العراق نفسها التي انطلق من قادسيّتها القائد المقدام الصحابي الجليل ، سعد بن أبي وقاص ليحرر الفرس من طغيان كسرى وظلمه ، ويهدي إليهم مساواة الإسلام وعدله ؛ جرت في النهر مياه آسنة ، لم يعد بعدها عراقنا الذي نعرفه ، تسلّط عليه طائفيون حاقدون سلّمهم الأعداء مقاليد الحكم والسلطة ، فاشتغلوا ذبحاً وفتكاً لأبناء المصبّ الرئيس للإسلام إلى أن انتهى الحال بأن يبلغ عدد من المحكومين بالإعدام هذا العام حتى الآن حوالي (200) وذلك بخلاف الاغتيالات والاعتقالات . وكل ذلك كمن دون أن يهبّ أحد لنصرتهم أو وقف ذبحهم .

لست الأولى ياأنغولا : فقد ارتكبت في الشام مذابح تبكي القلوب وتدمع العيون ، راح ضحيتها بحسب الإحصاءات المعلنة أكثر من (100) ألف شهيد ، لم تنتفض لدمائهم نخوة العرب والمسلمين ، وهم الذين قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ” المسلمون تتكافأ دماؤهم ، يسعى بذمتهم أدناهم وهم يدٌ على من سواهم ” . هناك في اليمن ، في دماج ، موطن الدفاع عن عقيدة التوحيد ؛ يجري التكالب على ذبحها ونحرها في هدوء وصمت ، بل وخذلان ، هناك في بورما ؛ يُحرق آلاف المسلمين وهم أحياء .

لست الأولى ياأنغولا : مواطن النزف والانتهاك لاتُعدّ ولا تحصى في الأمة العربية والإسلامية ، فجراحها تثخب بالدماء ، اليوم منعوا المسلمين عندك من إقامة شعائرهم ، وغداّ يتهمونهم بالإرهاب فتُحشد لهم الجيوش وتُجمع الأموال – حتى من العرب والمسلمين أنفسهم – للمساعدة على الفتك بالمسلمين في أراضيك .

لاتحزني يا أنغولا ، ولاتتعبي نفسك أو تُجهدي فكرك ، فمشاهد القتل وصور الفتك قد ألفتها أمتي ، فلا تثير فيها غضب أو تستفز الكرامة أو تستثير الشهامة والنخوة ، وكأننا أمّة قد تبلّدت ومات فيها الشعور والإحساس . فعذراً عذراً ياأنغولا !!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s