قبل بضع سنوات ، ثلاث أو أربع ، أقل أو أكثر ، طلّت علينا نافورة كبيرة من البحر القريب من جسر الشيخ حمد بالمحرق ، أضفت على المشهد نوعاً من الجمال طالما افتقدناه في تلك المنطقة التي كثرت الوعود بشأن تجميلها وتزيينها ، هي ومنطقة مابين الجسرين التي جرى الحديث خلال السنوات القليلة الماضية عن إقامة مشروعات حدائق ومنتزهات ومساجد عليها قبل أن يُصار – بحسب مايقال – إلى تحويلها إلى مشروعات خاصة في الغالب لايستطيع عموم المواطنين من الاستفادة منها.
نوافير المياه صورة جمالية تحرص كثير من الجهات على إنشائها وتشييدها في الحدائق والسواحل ، بل وفي المجمعات ، حتى أن عدداً من تلك المجمعات في الدول الشقيقة صارت تتميز بنافورتها ، وتجري الاحتفالات والمسابقات على ضفافها . ولذلك ، أي نظراً لقلّة هذه الصور الجمالية في بلادنا ؛ كان الفرح بتلك النافورة البحرية كبيراً ومضاعفاً ، فهي الأكبر في البحرين .
غير أن هذه النافورة لم تدم طويلاً ، ولم يُكتب لها العمر المديد ، ماهي إلاّ بضعة أشهر حتى توارت عن الأنظار ، وتوقف تدفقها ، وغابت عن المشهد الذي تزعمته بجمالها حتى تم الإعلان آنذاك عن وجود أعمال صيانة ستعود بعدها أقوى وأجمل . انتظر الناس عودتها وترقبوا انتهاء صيانتها قبل أن يُصدموا بأنها قد غرقت في مياه البحر وأصبحت أثراً بعد عين .
تعددت الأسباب حول غرق النافورة لكنها لاتخرج عن الإهمال وسوء إدارة تشغيلها وصيانتها ، لاتختلف في ذلك عن غيرها من مرافقنا الخدمية والسياحية التي يلفها الإهمال ويفقدها أثرها ومنفعتها . ثم مع مرور الوقت نسينا هذه النافورة الغارقة والتي انتهى أفولها حتى فاجأنا تقرير الرقابة المالية الصادر مؤخراً بأن هذه النافورة لازالت قابعة في عرض البحر وأن تكلفة استخراجها من القاع تقارب الـ (100) ألف دينار ، وهو مبلغ قابل للزيادة كلما تأخرت عملية الإنقاذ .
هذه النافورة التي لم يُكتب لها الحياة ، وخسرناها مبكراً ، باتت تشكل خطراً داهماً يهدد سلامة مرتادي البحر نظراً لأنها موصلة بكابلات بحرية فيها كهرباء عالية الضغط تستدعي – ربما – التدخل العلاجي السريع قبل أن يحدث المحذور وكذلك قبل أن تتضاعف كلفة الإنقاذ والاستخراج المرصودة في تقرير الرقابة الذي نحتفل به هذه الأيام .
سانحة :
أقترح فتح باب التطوّع للغواصين والسبّاحين البحرينيين لإنقاذ نافورتنا واستخراجها من قاع البحر ، ومن ثم تكريمهم بمكافآت سخية أحسب أنها لن تصل إلى الـ (100) ألف دينار .