راصد

عدم كفاية الثلاثين سنة الماضية

آخر دولة انضمت للاتحاد الأوروبي هي جمهورية كرواتيا التي أعلن انضمامها رسمياً في منتصف هذا العام ، بالضبط في الأول من شهر يوليو 2013م . وليرتفع عدد الدول المنضوية تحت مظلة هذا الاتحاد إلى (28) دولة بعدما كانت البداية مكوّنة في خمسينيات القرن الماضي من حوالي عشر دول فقط ، تنادوا من خلال اتفافية روما 1957لإنشاء النواة الأولى للاتحاد الأوروبي إذ أسموه آنذاك المؤسسة الاقتصادية الأوروبية التي سرعان ما شقّت طريقها لتتحول من مجرّد هيكلية للتبادل التجاري إلى مؤسسة اتحادية كبرى تجمع الاقتصاد والسياسة وتكون أحد أهم الأقطاب العالمية بدءا من العام 1992 حيث جرى التوقيع على معاهدة الاتحاد الأوروبي أو معاهدة ( ماستريخت) وهي المدينة الهولندية التي جرى فيها مراسم توقيع المعاهدة من قبل (12) دولة ، كان أهم ماجاء في هذه المعاهدة : توحيد أوروبا وإنشاء كيان جديد ومرن يسمح بانضمام أعضاء جدد . بمعنى أنهم لم يتأخروا أو ينتظروا دخول كل الدول الأوروبية .

بعد سبع سنوات من توقيع معاهدة ( ماستريخت) بدأ الاتحاد استخدام العملة النقدية الموحدة ( اليورو ) الذي أصبح اليوم ثاني أهم عملة على مستوى النظام النقدي الدولي ، وذلك بعد الدولار الأمريكي. وصار متاحاً التعامل بـ (اليورو) في مختلف بلدان أوروبا .

يبلغ عدد سكان الاتحاد الأوروبي المكوّن من (28) دولة حتى الآن( 501,260,000 نسمة ، أي مايقارب من خمسمائة مليون نسمة . ومساحته تزيد على ( 3975000 )كم². ومع ذلك الاتساع السكاني والجغرافي فإنه ضمن حقوق المواطنة الأوروبية صار حرية التنقل متاحة للجميع من بلد إلى آخر ، من دون جوازات ولابطاقات ، بل حتى الزائرين والسائحين الحاصلين على تأشيرات تسمح لهم بالدخول لأي دولة أوروبية يمكنهم كذلك التنقل في طول وعرض دول أوروبا بتلك التأشيرة ، دون مراكز حدودية ودون أي شيء ، ويمكن أن يخرج أحدهم – مثلاً – من سويسرا ليجد نفسه في فرنسا أو ألمانيا أو غيرها دون أن يدري !

بين دول أوروبا المنضوية في اتحاده والبالغة حتى الآن (28) دولة اختلافات وفروقات قومية وعرقية وجغرافية ، بل لكل دولة لغتها حتى أن عددها ( لغات دول هذا الاتحاد ) بالعشرات ، بل الأكثر والأغرب أن بينها صراعات وحروب سجلها التاريخ  ومع ذلك لم تقف تلك الحروب والفروقات والاختلافات عائقاً دون وحدتهم وتجاوزهم لخلافاتهم التاريخية وفروقاتهم الحالية ، فهم اليوم في مظلة اتحاد قوي له مؤسساته ومجالسه ونفوذه وعملته و… إلخ ، وسياسته المعروفة والثابتة تجاه مختلف القضايا والمشكلات في العالم وله رأيه وتدخلاته ومواقفه التي يستطيع أن يفرضها ويصطف من خلالها مع الأقوياء في هذا النظام العالمي الذي لم يعد بإمكانه أن يحترم سوى مثل هذه التحالفات والأٌقطاب التي هي محط أنظارنا وآمالنا في دول مجلس التعاون التي مضى أكثر من ثلاثين عاماً على إنشاء أول هيكلية  لدمجها أو وحدتها دون أن تستطيع طوال هذه السنوات والعقود أن ( ترتقي إلى الطموح ) وهي عبارة مهذبة يجري استخدامها للتعبير عن الإحباط أو حتى الغصّة من عدم كفاية هذه السنين كلها للانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد بحسب البند الأول من ميثاق هذا المجلس ، ومن عدم كفاية الثلاثين سنة الماضية لإصدارعملة نقدية موحدة أو اتحاد جمركي فاعل أو إتاحة حرية التنقل بين دوله الست على نمط الطريقة الأوروبية ، ومن عدم كفاية هذه العقود الزمنية الثلاثة لأن نعمل ماهو أكثر مما فعله الاتحاد الأوروبي بين دوله الـ(28) ممن لايربطهم دين واحد ولغة واحدة وعلاقات متداخلة ومترابطة يرجع تاريخها لمئات السنين ويشملها إقليم جغرافي واحد ، وكذلك تتهدّدها أخطار واحدة ، مثلنا !!

أضف تعليق