تعوّد البعض في أوقات الخطأ والتقصير أو عندما يطفح العجز ويحلّ الفشل أن يبررّوا لأنفسهم ويجتهدوا في البحث والتقصي عمن يلبسوه مسؤوليات ذاك الخطأ والفشل ، ثم يسحبوا أيديهم بكل لطف وسهولة ويظهروا أنفسهم كأنه ليس لهم أي علاقة بما حصل ، رغم أنهم في قمة هرم مؤسساتهم ووزاراتهم وفي أعلى مراكز اتخاذ القرار . وبالتالي هم – بحسب منطق الأشياء – أوّل وأهم من يتحمّل وزْر التقصير أو مسؤولية الفشل  والتعثّر .

أكثر مايحزن في هذا الصدد أن يكون المواطن البحريني هو ( الطوفة الهبيطة ) أو ( الشمّاعة ) التي يلجأ إليها هذا البعض لإلقاء تبعات النقص والتقصير والخطأ عليه ! فيكون الطعن في كفاءة هذا البحريني وقدراته وخبراته وإمكانياته ومهاراته مجالاً خصباً لتفصيل كل أوجه الفشل عليه . وفي أحيان كثيرة يكون هذا التفصيل مبرّراً وسبباً لاستدعاء غير البحريني لمهام الاستشارة و( الإنقاذ ) . وفي المحصّلة تبقى ذات هذا البعض من المسؤولين مصانة ومبرأة من أية أسباب ومسؤوليات . فلااعتراف بالخطأ والفشل ولاتحمّل لمسؤوليتهما ، ولا مجرّد اهتمام بأن ما يحدث من إخفاق أو سوء تقدير أو أزمات أو ما شابه ، إنما قد يكونوا هم من بين أسبابها ، إن لم يكونوا الطرف الأساس فيها .

يحضرني في هذا المقام مداخلة قيمة ، تشرفت بسماعها في إحدى جلسات مجلس الشورى السابق في عام 1993، كان بطلها سعادة السيد إبراهيم عبد الكريم وزير الماليــة الأسـبق ، وكان مضمونها يدور عن الوضع الاقتصادي في البلد ، استغرقت تلك المداخلة الطويلة ما يقرب الساعة من الزمان لكنّه شدّ في نهايتها انتباهي حينما نسب الإنجاز إلى موظفي وزارته وشكرهم ثم نسب الخطأ والتقصير إلى شخصه الكريم ، وهو بالفعل كريم . حيث قال في ختام مداخلته : ” حضرات الإخوة إذا كان هناك من نجاح حققناه خلال الخمس والعشرين سنة الماضية فالفضل بالدرجة الأولى لله سـبحانه وتعالى الذي وفقـنا ثم للدعم الذي لاقيناه من صاحب الســـمو رئيس الوزراء الموقر ثم للجهد الذي يقوم به إخواني في الوزارة ، فالعمل ليس عملي أنا ، وإنما جهد مشترك لهؤلاء الجنود المجهولين الذين يعملون في هذه الوزارة ، فإذا كان هناك من ثناء فلهؤلاء جميعاً بعد الله سبحانه وتعالى، وإذا كان هناك من تقصير فأنا المسئول وأرجو أن ترشدوني “.