لم يُوفق من اختارهذا التوقيت للإعلان عن رفع أسعار الديزل ، حيث أن الناس ( قاعدين ) يحتفلون بمناسبتهم الوطنية العزيزة ، الابتهاجات والمسرّات والاحتفالات تعمّ مختلف الأنحاء ، سواء في المجمعات أو الحدائق أو الوزارات أو المدارس والجامعات أو الشوارع وحتى في الصخير . وبينماهم يترقبون من يخرج عليهم في مثل هذه المناسبة ليعلن عن قرار لزيادة رواتبهم أو توزيع مكافآت لهم أو تخفيض مجزي لرسوم خدمات أو أي شيء مماثل يسهم في تحسين سويّة معيشتهم ويساعدهم في تجاوز حتى ولو شيئاً يسيراً من صعوبات حياتهم المتزايدة أو يخفف من الهجوم الفاحش لغول ارتفاع أسعار السلع والخدمات . بينما هم كذلك ؛ يتفاجأون قبل أن ينقضي شهر الاحتفالات (ديسمبر) ، وقبل أن ينقضي العام 2013 ويودعنا، وقبل أن تخفت الأضواء والأنوار الاحتفالية التي ازادنت بها البحرين ؛ يتفاجأون بمن يصدمهم بقرار عن رفع أسعار الديزل بنسبة (20%) يرى الكثيرون أنه مجرّد مقدّمة أو – ربما – جس نبض لقرارات مماثلة أخرى . خاصة أنه اعتدنا خلال السنوات القليلة الماضية أنه أي تصريحات تتناول الدعم الحكومي للوقود والسلع والخدمات تثير القلق وتجعل الجميع يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً مما قد تخفيه وراءها أو تمهّد وتسخّن له أو تذكّر بقدومه أو ضرورته بدعوى العجز أو الدين العام أو ما شابه ذلك من مسببات ومبررات يصعب قبول فكرة أن معالجتها ومواجهتها تكون عن طريق هذه الزيادات أو الكلام عن إعادة النظر في الدعم المقدم لهذه السلع والخدمات في حين يضجّ الحديث عن بدائل وخيارات أخرى تتركز في كبح جماح الفساد ووقف الهدر والبذخ في مناحي أخرى .
كان واضحاً في ثنايا التصريح الصادر والمتضمن لقرار زيادة سعر الديزل أن هنالك تخوفاً من آثاره على القطاع البحري ، وأتوقع أنه سيخرج علينا البعض يرسل تطمينات بأن القرار لا يمسّ حياة الناس بشكل مباشر وغير ذلك من التطمينات التي يمكن دحضها بكل سهولة عن طريق قاعدة أن أي زيادة في تكاليف إنتاج أي سلعة لابد وأن تنعكس على سعرها ، وبالتالي فإننا على موعد جديد في شهر يناير القادم مع زيادات متعددة ، منها – مثلاً – في أسعار أحد أهم أنواع الغذاء الرئيسية في البلاد ، وهي الأسماك ، التي هي بالأساس قد قفزت أسعارها وتضاعفت خلال السنوات القليلة الماضية بعد أن قام الصيد والدفان الجائر بالتعاون على تشريدها إلى مسافات بعيدة وعزّ وجودها في السواحل والمياه القريبة. إن أي زيادة تطرأ هناك ، في تكاليف التشغيل والإنتاج ، سيجري تعويضها – شئنا أم أبينا – من قوت المساكين والمعوزين الذين يُطلق عليهم تسمية مهذبة فيُقال عنهم : ذوي الدخل المحدود .
سانحة :
عملية تسعير أية بضاعة أو خدمة تعتمد أساساً ، وفي المقام الأول على تكلفة إنتاجها مضافاً إليها هامش الربح الذي يريده التاجر أو المستثمر ، ويستطيع عن طريقه الاستمرار في تقديم هذه المنتجات أو الخدمات ، يستوي في ذلك الأفراد أو الشركات والمصانع والمخابز والمطاعم وحتى البقالات . وبالتالي فإن أية زيادات تطرأ على هذه التكلفة الإجمالية لابد وأن يكون لها انعكاس وصدى في السعر، هكذا هو المنطق السائد الذي يجري العمل به .