أي مواطن يريد استخراج رخصة ما ، أي رخصة ، وفي أي مجال ، ويدخل في إجراءات استخراجها وفقاً للأنظمة واللوائح والقوانين المعمول بها سيكتشف – ولله الحمد – مقدار صرامتها وجديّة شروطها وصعوبة تجاوزها أو استحالة التلاعب أو ( الحيلة ) فيها حيث أن غالب تلك الرخص تكون إجراءات الإذن بها مركبة ، أي تمرّ من عدة أشخاص ومن خلال عدّة أطراف ، وفي بعض الأحيان جهات مختلفة ، كل جهة تتوقف على موافقة الجهة الأخرى . وبالتالي يصعب بالنظر إلى هذه الدورة الإجرائية التي يصاحبها في الظروف العادية مراجعات و( روح وتعال ) ربما تصل إلى ما يشبه ( المرمطة ) التي يتأذى منها بالخصوص أولئك الذين – مثلما يقولون – جنب الحيط ، وليس لديهم ( واسطات ) ومعارف تيسر لهم سبل الحصول على الرخص المطلوبة وتختصر مدد الانتظار من دون أن يحصل تعدّي للاشتراطات والمعايير و… إلخ .
في اعتقادي أنه يستوى في ذلك من يطلب رخصاً بسيطة أو رخصاً كبيرة حتى أن أي مواطن حينما يشرع في بناء منزله أو ترميمه أو يعمل إضافة فيه يحتاج إلى ترخيص ، وبدون هذا الترخيص لايمكنه إطلاقاً أن يستخدم أو يهنأ في بنائه ( الخاص به ) حيث سيظل بلا كهرباء ولاماء . هذا هو المفترض لولا أنه تعكّر علينا الصحافة ووسائل الإعلام هذا الفهم وتدفعنا للحيرة والاستغراب والتساؤل حينما تظهر علينا بين حين وآخر بأخبار عن وجود أشياء في واقع الناس تم إنشاؤها بدون ترخيص !
هذه الأشياء ليست صغيرة في حجمها مثلما أنها ليست قليلة في أعدادها ، كما أنه يصعب أن يُقال أن مخالفات وتجاوزات الترخيص لها قد جرت في الظلام ، أو في مكان ناءٍ وبعيد . أو يكون حجم موضوع المخالفة المرخص بها صغير بحيث يمكن وضعه في مكان ما وإخفائه عن أن يشاهده الآخرون أو يشعر بمخالفته أحد المفتشين والمختصين ، فيُصار إلى نسيانه أو الغفلة عنه أو عدم العلم به .
فقبل بضعة أشهر طلع علينا من يقول أن عدد أبراج الاتصالات الموجودة في البحرين يبلغ (1777) برجاً ، منها (75%) غير مرخص ! لمن لايعرف المقصود بالبرج ؛ عليه أن يرفع رأسه إلى السماء في المحرق – مثلا- وينظر إلى شاهق البنايات ليرى هذه ( الأشياب ) التي تناطح السماء في علوّها ويتعرّف على أنه طبقاً لهذا الخبر فإنه مايقارب (1300) برج اتصالات تم تشييدها وإقامتها بدون ترخيص .
ثم لم تمض أسابيع قليلة حتى خرج علينا أيضاً من يعلن أن عدد المقاهي غير المرخص لها في البحرين تقدّر بحوالي (245) مقهى . وبالأمس الأول طالعتنا الصحف بوجود (500) رخصة صيد تم إصدارها بطرق غير شرعية ، بالرغم من وقف إصدار أي رخص جديدة بموجب القرار رقم (11) لسنة 2009 الصادر عن رئيس الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية بشأن حظر إصدار رخص صيد الأسماك والروبيان . وقبلها بيوم تكتشف بلدية المحرق وجود بناية بمحلاتها التجارية وشققها وفيها كهرباء وماء ؛ لكنها بدون ترخيص !!
لك مني كل التقدير والاحترام.. وكثر الله من امثالك الناصحين الصادقين
إعجابإعجاب