لأسباب كثيرة، غالبها يتعلق بأمراض معنوية ونفسية مثل الكسل والبلادة وقلة العزم والإحباط و(التمبلة)؛ أصبح للوهم دور كبير في رسم مسار حياتنا وتكييف تصرفاتنا وتحديد مواقفنا رغم معرفتنا بأنه مجرد (وهم) يعرفه أهل اللغة بأنه «ما يقع في القلب من تصور خاطئ أو فكرة خاطئة» ويعرفونه في الاصطلاح بأنه تشوه يحدث للحواس، يتشارك فيه عادةً معظم الناس، وتُؤثر الأوهام عادةً على حاسة الإنسان أكثر من رؤيته.
لا تختلف عمليات التأثر بالوهم، سواء في مجالها الاجتماعي او السياسي حيث نرتب تحركاتنا وانفعالاتنا تبعا لهذه الحاسة الباطنة ونقنع أنفسنا بها كأنها واقع قائم لا محالة او مصير محتوم لامفر منه. ومن القصص الجميلة في شرح مدى تأثير الوهم هي ما كتبه الدكتور خالد المنيف في كتابه «موعد مع الحياة» يحكي قصة عامل دخل ذات يوم ثلاجه كبيرة تابعة لشركة لبيع المواد الغذائية، وكانت عبارة عن غرفة كبيرة عملاقة، دخل العامل لكي يجرُد الصناديق التي بالداخل، فجأة وبالخطأ أغلق على هذا العامل الباب؛ طرق الباب عدة مرات ولم يفتح له أحد، وكان في نهاية الدوام وفي آخر الأسبوع، حيث ان اليومين القادمين عطلة. فعرف الرجل أنه سوف يهلك لا أحد يسمع طرقه للباب!! فجلس ينتظر مصيره.

وبعد يومين فتح الموظفون باب الثلاجة، وفعلاً وجدوا الرجل قد توفي ، ووجدوا بجانبه ورقة كتب فيها ما كان يشعر به قبل وفاته، وجدوه قد كتب (أنا الآن محبوس في هذه الثلاجة… أحس بأطرافي بدأت تتجمد… أشعر بتنمل في أطرافي… أشعر أنني لا أستطيع أن أتحرك… أشعر أنني أموت من البرد…) وبدأت الكتابة تضعف شيئا فشيئا حتى أصبح الخط ضعيفا…الى أن أنقطع.
العجيب أن الثلاجة كانت مطفأة ولم تكن متصلة بالكهرباء إطلاقاً!! فمن قتل هذا الرجل ؟! قتله الوهم الذي تملك شعوره وترك له فرصة العيش معه في هذه الثلاجة التي كان يعتقد بما أنه في داخلها إذن الجو بارد جداً تحت الصفر، وأنه سوف يموت، واعتقاده هذا جعله يموت حقيقة. وأحسب أن بعض الأوهام التي يجري ترويجها هذه الأيام قد تودي بحياة – لا سمح الله – مروجيها. وأكتفي بذلك فلربما المساحات الواسعة بدأت تضيق بالتفاصيل.
سانحة:
من صور موت الغيرة على دين الله؛ الصمت على ما تعرضه قناة ام بي سي 3 للأطفال، مسلسل كرتوني يستهزئ بأسماء الله الحسنى حيث تحمل كل شخصية فيه اسما من أسمائه جل في علاه!!