في آخر الأسبوع الماضي نشرت صحافتنا المحلية خبراً مقتضباً في صفحات القضايا والحوادث ، تلك الصفحات التي باتت تستقطب وتنشر عن جرائم وأمور رغم غرابتها أو فظاعتها أو خروجها على المألوف من القيم والعادات إلاّ أنها أصبحت تمرّ علينا مرور الكرام ، لاتثير فينا أدنى حراك ، ولاتمسّ عندنا أية مشاعر كانت لايمكن أن تظل أمامها ساكنة في الزمن القريب الماضي لولا أن مداميك في البنية الاجتماعية عندنا قد أصابها الاهتزاز والعوار ، وجعل من مثل هذه الحوادث والجرائم أموراً عادية جداً لاتستدعي حتى إثارة الفضول ، فضلاً عن الاستنكار !!
خلاصة الخبر المذكور يتحدث عن فتاة لايتجاوز عمرها الـ (17) عاماً ، بمعنى أنها لاتزال طفلة بحسب تعريفات سن الطفولة ، واقعها ثلاثة شبان برضاها ، وكلمة ( برضاها ) تعبير طاريء جرى استخدامه لتبرير الزنا أو تمريره بتقسيمه إلى نوعين : نوع برضاها ونوع بغير رضاها ، بحيث أن العقوبات لايتم تطبيقها إلاّ على القسم الآخر الذي هو ( بغير رضاها ) ، بمعنى أن هذا النوع من الزنا ( برضاها ) حلال ، لايجرّمه القانون ولا يمنعه !!
ليس هذا فقط ؛ وإنما هنالك تبرير وتمرير آخر للزنا وهو إذا جرى مواقعة أنثى برضاها وتعدّى عمرها الحادية والعشرين ، فلا بأس عليه ، وهو غير مآخذ وليس عليه حساب وعقاب . وأما إن كانت المواقعة لأنثى يقلّ عمرها عن هذا السن (21) سنة فهو في هذه الحالة محل عقاب ومؤاخذة قانونية ، وصدر حكم الإدانة على اثنين ممن واقعوا هذه الفتاة ( الطفلة ) لأنها أقل من هذه السن ، والحكم هو حبسهما أربعة أشهر ، فقط .
لم تنته القصة عند هذا الحدّ ، وإنما هذه الفتاة ( الطفلة ) حمِلت سفاحاً ولديها الآن طفل يناهز العام من عمره ، ووالد الفتاة يبحث في المحاكم عن ( أب ) لحفيده ، فقد أقام دعوى أمام المحكمة الشرعية لإثبات نسب المولود لأحد المدعى عليهم المجرمين الثلاثة . وإلى أن يتم الفصل في هذه الدعوى فإنها تبقى بحسب نظري إحدى الصور الكارثية والمأساوية ، ليس لأسرة الفتاة ( الطفلة ) وإنما لمجتمعنا الذي سمح بعدّة أشياء وأجواء تسهم في عمومها على تشجيع مثل هذه الانحرافات وتدفع نحوها بالإضافة إلى وجود تشريعات قسّمت ( الزنا ) إلى أقسام بحيث أنها في المحصلة أوجدت أنواعاً منها حلالاً ، لايجرّمه القانون وماتبقى منه فعقوباته غير قادرة على الردع . ليبقى في النهاية أن هذا النوع من الحوادث والجرائم إنما تُشكل نزفاً مجتمعياً في القيم والأخلاق والسلوك ، كلنا معرّضون للإصابة من حممه وآثاره .
سانحة :
لتزيين الحرام ، تم تغيير مسمياته ؛ فالخمور : صارت مشروبات روحية أو كحولية . والزنا : حرية شخصية . والرقص والطرب : ثقافة !!