ماهو الحد الفاصل بين السلمية وعدمها ؟! أو ماهي الحالات والأعمال التي نستطيع تسميتها بأنها في إطار الحراك السلمي ، وبالتالي ماهو عكسها مما يمكن أن نطلق عليه أنه خرج عن تلك السلمية المزعومة ؟ هذا السؤال لابد أن تجيب عليه قوى المعارضة التي اعتادت منذ حوالي ثلاث سنوات أن ترفع – ولازالت – شعاراً لها بأن اعتصاماتها ومسيراتها وسائر فعالياتها الاحتجاجية والمطلبية ؛ سلمية . وصارت تردد ذلك في أدبياتها وبياناتها خاصة بعد كل حادثة اعتداء أو عمليات تفجير حتى لو أزهقت بسببها أرواح !!
هل هنالك تعريف للسلمية لانعرفه أو لم تصل مداركنا وأفهامنا إليه حتى الآن بحيث أن هذه القوى ألِفت أن تخرج علينا بعد كل حادثة من النوع إياه التي ذهب ضحيتها شهيد الواجب في منطقة الدير رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان ؛ فتقول – تلك القوى – بأنها تعبر عن موقفها الثابت من إدانة أي حادث تفجير وتشدد على تمسكها التام بالنهج السلمي في حراكها المطلبي .
هل تستطيع تلك القوى أن تبرهن على هذا النهج السلمي وتصفه لنا من خلال الممارسات والإعلانات للمقاطعة أو الإضراب أوالتهديدات التي شهدناها على مدار الأيام القليلة الماضية التي تنوعت مابين حرق الإطارات وإغلاق طرق ومنافذ وسكب زيت على الشوارع واعتداء على مدارس وتعطيل مصالح الناس وتحركاتهم وتشكّل استفزازاً لمجاميع كبيرة وغالبة من المواطنين والمقيمين لايمكن أن يستوعبوا أن هنالك من يريد إقناعهم بأن كل هذا الذي يجري حولهم إنما هو حراك سلمي ، عليهم – أو لنقل غصباً عليهم – أن يقتنعوا أن هذه أعمال وممارسات سلمية !!
ولذلك فإن الأمر لايخرج – في نظري المتواضع – عن احتمالين : أولهما : أن هناك من يستهبلنا – من الاستهبال – وينشر علينا مفهوم ومعايير جديدة عن ماهية السلمية . وثانيهما أن هناك من يدّعي السلمية ويغمض عينه عما يحدث ضدها وينقضها ، أي بمعنى ( يسوي روحه مب له ) فيكون له حراك يخصه وحراك آخر يستخدمه كأداة ضغط وابتزاز .
في كل الأحوال ؛ الراسخ لدى العموم أن قوى المعارضة التي تسارع أمام أي عملية اعتداء أو تفجيرات إلى تدبيج بياناتها المستنكرة للعنف والمؤكدة على النهج السلمي ، هي قادرة على تحقيق ماتدعيه عن السلمية ، وقادرة – بالتأكيد – على وقف أي أعمال تنال من هذه السلمية . ولكن متى ما أرادت ذلك !!
سانحة :
– في مثل هذا الشهر ، قبل ثلاثة أعوام استجمع أهل السنة والجماعة قواهم ونبذوا خلافاتهم واختلافاتهم ، وانتفضوا ضد من يريد إلغاء وجودهم وأنشأوا تجمعاً اسموه تجمع الوحدة الوطنية ، كان ظهوره كما ( المارد ) الذي أنقذ البلاد واستبشر الجميع به خيراً وعقدوا عليه أمنيات وتطلعات قبل أن تسير في النهر مياه آسنة وغريبة ، قزّمت هذا المارد وحجمته حتى انتهى به المطاف إلى أن يكون مجرد رقماً آخر في قائمة الجمعيات السياسية ، وبدلاً من أن يكون تجمع الجمعيات أصبح فقط جمعية تجمع ! على الأقل وقفة أو بيان بمناسبة ذكرى ميلاد ذاك المارد الذي مات أو ذُبح.
– قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ” من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في بدنه ، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا ” .