راصد

حتى لاتضيع حالات المعاودة

المواطن الذي جاوز عمره السبعين عاماً ولايزال طلب الإسكان في جيبه ، يدور به من مكان إلى آخر ، ويطرق ما شاء له من الأبواب الموصدة ، ودبّ اليأس إلى نفسه بعدما دخل عالم المتقاعدين الذين أفنوا سني أعمارهم وقضوا زهرة حياتهم في خدمة وطنهم ليكتشف في تالي عمره عجزنا عن ردّ شيء من جمائله ، ونتيح له الحياة بيسر وكرامة في منزل يضمه مع أسرته قبل أن يودّع دنيانا وهو لايزال في شقته المؤجرة ومعه طلب انتظار – إسكان – لقادم لايدري متى يأتي .

وأحمد مبارك وحسن مالله ممن خدموا البحرين ، وآباءهم وأجدادهم مدفونين في ثراها ولهم طلبات إسكان تعود إلى السبعينات والثمانينات من القرن الماضي ، ولازالوا يعيشون مع أبنائهم وربما أحفادهم في شقق مؤجرة ، يمضي بهم قطار أعمارهم وهم ينتـظرون رحمة المولى عز وجل بأن يحصلوا على سكن يضم – على الأقل-  أبنـاءهم قبل أن يحطّ الموت رحاله أمام آمالهم .

وأحمد الحمادي وراشد سالم نجم وعواطف وحجي علي وغيرهم ممن ذكرهم الشيخ عادل المعاودة في مداخلة مؤثرة له في جلسة مجلس النواب الأسبوع الماضي عن تعاظم المشكلة الإسكانية وتضخم قوائم الانتظار من دون أن يكون هنالك في الأفق حل يحدّ من تفاقمها أو حلحلة حقيقية تتناسب مع حجم هذه الأزمة التي يعاني منها عشرات الآلاف ممن تسطّرت أسماءهم في تلك القوائم وترافع المعاودة بكل جرأة عن حقوقهم وواجب الدولة تجاههم ، وابتدأ مداخلته بحديث شريف للمصطفى صلى الله عليه وسلم ” من ولاّه الله شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلّتهم وفقرهم احتجب الله دون حاجته وخلّته وفقره يوم القيامة “.

النماذج التي جرى عرضها في المداخلة المذكورة هي مدعاة للحزن ، ومدعاة لأن تستحوذ تلك الحالات – لمتقاعدين وكبار في السن أمضوا عقوداً من السنوات انتظاراً لبيت إسكان – على نصيب وافر من اهتمام الرأي العام وأن يجري تناقلها بتأثر ، وأن تكون حديثاً للمجالس والديوانيات فضلاً عن أدوات التواصل الاجتماعي ؛ هكذا كنت أتوقع وأنا أسمع هذه المداخلة التي ندُر مثيلها في التأثر بين العديد من المداخلات التي تناولت موضوع الإسكان . ولم يخطر ببالي إطلاقاً أن تُختصر كل هذه الحالات المأساوية ويجري إهمالها وتجاوزها ، والتمسك فقط بكلمة عابرة وهامشية – ليست من لبّ الموضوع وجوهره – ذكرها الشيخ عادل المعاودة في نهاية مداخلته بأنه عندما يشتكي له مواطن من مثل هذه المشاكل الإسكانية لاينام الليل تأثراً من هذه الشكوى! وهو تعبير عادي نقوله ويشعر به الجميع عند سماعهم أنات وآهات أصحاب الحاجة والعوز ، ولايحتمل أن يكون محلاً للظنون والتأويل أو السخرية والاستهزاء .

سانحة :

من المؤسف أن كثرة من الحالات والمواقف والمداخلات يجري اختزالها أو القفز إلى ما وراءها من ظنون أو مابداخلها من نوايا يضيع تبعاً لذلك محتواها ويتبدد هدفها حتى لو كان ثميناً لايستحق إهماله والتفريط فيه ..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s