راصد

( كما وصلني ) ..

الإشاعة في اللغة هي مصدر أشاعَ ، وتعني خبر مكذوب ، غير موثوق فيه ، وغير مؤكد ، ينتشر بين الناس . ويُقال رجل مشياع : أي مذياع لايكتم سرّاً. ويتم تعريفها في الاصطلاح بتعاريف كثيرة ، منها بث خبر من مصدر ما، في ظرف معين، ولهدف ما ، يبغيه المصدر دون علم الآخرين . ومنها أيضاً الأخبار المشكوك في حجيتها . ويندرج تحتها جميع الأقاويل والأحاديث والأخبار والقصص التي يتناقلها الناس، ويروونها دون التثبت من صحتها ومصدرها ، أو التحقق من سلامتها وصدقها .

وتُستخدم الإشاعة منذ القدِم كأحد الأسلحة البارزة في الحروب والصراعات ، خاصة حينما يُلجأ إليها في استنزاف المعنويات والتدمير النفسي الذي ربما تكون نتائجه أعظم أثراً من الأسلحة التقليدية . ولاتكاد أية توترات أو نزاعات تخلو من استخدام هذه الحرب المعروفة بـ ( بالإشاعات ) .

وكما في الحروب لها استخدام معين فإنها أيضاً في حياة الأفراد والمجتمعات يجري اللجوء إليها لأهداف بغيضة متعددة ، مثل الوقيعة أو الشماتة أو التشويه أو التحريض ، وفي أحيان كثيرة تكون على سبيل الفضول أو شغل الفراغ و( ملح المجالس والديوانيات ) بحيث أن البعض صارت عنده أمراً عادياً ، يؤلف الإشاعات ويفبرك المعلومات أو حتى ينسبها لآخرين ويكون الكذب والتلفيق حاضراً دونما وازع أخلاقي وقيمي يردعه ويمنعه أو على الأقل يحدّ من ( مؤلفاته )!

على أنه مع ظهور أدوات التواصل الإلكتروني صارت للإشاعة ألوان ومذاقات ، ونوع من تضييع للأوقات ، وتعدّيات حتى على الأعراض ، وأصبح انتقالها أو انتشارها كما الرماد في الهشيم ، وربما أسرع من الصوت ، وصار لها في هذه الأدوات أعلام وشخصيات تخصصت في الإثارة ونقل الأخبار وتدليسها والاستخدام السيء للتقنيات الحديثة . بل تطورت لتصبح على شكل عمل مخابراتي أوعصابات وشبكات تطبيل وتزمير أو ارتزاق وانتفاع أو ابتزاز وتصفية حسابات وماشابه ذلك من استعمالات ، مما أصبح – في غالبه – معلوماً ومفضوحاً .

وأسوأ طريقة يجري تداولها في ( الواتسب ) أو (الفيس بوك) أو ( التويتر) أو غيرها أن تأتيك المسجات و( البرودكسات ) على طريقة : خبر عاجل أو تحت عنوان ( كما وصلني ) حيث صار الكثيرون لايتركون مجالاً لأن تقف هذه النوعية من الأخبار عندهم وإنما يقومون بسرعة فائقة بإعادة بثها وإرسالها إلى أفراد و( قروبات ) أخرى ، وهكذا دواليك دونما تثبت أو تروي أو بذل أي جهد للتفكير في صحتها ومصدرها والتحقق من سلامة المعلومات الواردة فيها أو مطابقتها مع مصدرها أو القيام بأي شيء يمنع عنهم أن يُقال فيهم الحديث الشريف : “كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما يسمع” وأن يتريثوا قبل نقل هذه الرسائل والمعلومات ولايبرروا لأنفسهم بعنونتها ( كما وصلني ) لأن ذلك مدعاة لأن ينطبق عليهم قول المصطفى صلى الله عليه وسلّم عن الذين ينقلون كل ما يسمعون: ” بئس مطية الرجل زعموا”.

سانحة :

تقول العرب عن الإشاعة : أنها يؤلفها الحاقد وينشرها الأحمق ويصدّقها الغبي.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s