راصد

السائق والمركبة والطريق

أعرف ابتداء – أن الجهود التي تبذلها الإدارة العامة للمرور ، وتتصدّى من خلالها لعملية في غاية الحيوية والأهمية ، وتتعلق بضبط الحركة المروريـة في البلاد وضمان انسيابيتها في سائر أوقات اليوم ، وبالذات أوقات الذروة الصباحية والمسائية. وكذلك في مختلف الإجازات والمناسبات . أعرف أن هذه الجهود كبيرة وتستحق الشكر والتقدير لاسيما عندما نشاهد رجالاتها عند التقاطعات وفي الدوّارات وما شابهها من نقاط الاكتظاظ والازدحام ، سواء في عز الصيف أو قسوة الشتاء والأمطار .

 ويزداد هذا التقدير لحملاتها في ملاحقة مخالفي أنظمة السير والمستهترين بحياة الناس من خلال تجاوزهم للنظام والقانون ، وهي تجاوزات آخذة في الزيادة ، وتتزايد معها وبسببها حوادث السيارات ، يذهب ضحيتها أرواح مواطنين ومقيمين بين قتلى ومصابين بصورة تستدعي التوقف والنظر بشكل متكامل في النظام المروري ككل ، وأقصد عناصره الأساسية المكوّنة من : السائق والمركبة والطريق بحيث تتكافأ كلها وتتكامل جميعها من دون التركيز على بعضها وخصّه دون غيره بالمسؤولية عن تلك الحوادث المتزايدة  

في كثير من الأحيان – إن لم يكن غالبها ؛ تُلقى المسؤولية على أحد تلك العناصر فقط ، وهو السائق ، فيجري تحميله إياها واتهامه بالاستهتار بحياة الناس والسرعة المميتة والتصرفات الطائشة وكسر الإشارة الحمراء أو حب المغامرة أو التجاوز الخطأ أو استعمال المسار الأصفر أو ما شابهها من الأسباب الوجيهة والصحيحة ، والتي يجب محاربتها ومخالفتها لكن المطلوب ألا يتم حصر المسؤولية كلها في سلوكيات السائق فقط على وجه الحصر والقصر حيث أن للعناصر الأخرى ( الطرق والمركبات ) نصيب من المسؤولية لاينبغي إغفاله ، مهما صغرت نسبته ، حتى لو كانت (1%) . 

هنالك طرق وتقاطعات خطرة وطرق ذات انحناءات و( كسرات خشنة ) ، وطرق ذات اختناقات مرورية تزداد اختناقاً عاماً بعد عام ، وتحتاج إلى مخارج ومداخل بديلة أو متعددة ، ولابد من أنفاق وجسور ومواقف سيارات لاستيعاب النمو السكاني المطرد والزيادة الكبيرة في أعدادها. وأن هذه الطرق والجسور والأنفاق والمواقف يجب إنشاؤها في أوقات قياسية ، ولاتُترك مفتوحة الآجال والآماد حتى إذا ماجهزت – بعد التأخير- فقدت قيمتها وأهميتها وأصبحت لاتؤدي الغرض الذي بُنيت آنذاك من أجله ، ونشأت الآن حاجات جديدة .

وبالتالي ؛ لا أعتقد أنه من الصحيح أن نجعل سلوكيات السائق وتجاوزاته وأخطائه هي الشماعات التي نضع عليها دائماً مصائبنا وحوادثنا المرورية بينما ننسى جهود الوقاية لمنع وقوع تلك المخالفات والتجاوزات ، ونغفل عن ماذا بذلنا من جهود ووفرنا من إمكانيات لتحاشي الحوادث ووقف مجازر المرور على الشوارع والطرقات التي تئن من الضيق والازدحام وأحياناً سوء التصميم والتخطيط وافتقارها للتطوير الذي يتناسب مع النمو والزيادة وتشتاق لما تراه في البلدان المجاورة من جسور وأنفاق وكباري ، وإذا نزلت علينا بعضاً من الأمطار تحولت شوارع وطرق إلى برك ومستنقعات . وهي على هذا الحال والمنوال من المعاناة لسنوات وسنوات !! ومامن كلام عن تحمّل المسؤوليات إلاّ وكان سلوك السائق وتجاوزاته وسرعته وتهوره هو المسيطر على الأسباب سيطرة تامّة ، تامة .

أما المركبة ؛ فموضوعها شأن آخر يتعلق بالمواصفات التي تأتي عليها تلك السيارات ، من الشرق والغرب . ويكفي هنا التساءل حول أمرين : أولهما : لماذا أجسام سياراتنا ضعيفة بحيث أن بعضها عند أي حادث اصطدام بسيط ( يتلايم ) وتتضرر بشكل كبير . وثانيهما: يُقال أن مواصفات السيارات الموجودة في أوروبا وأمريكا مختلفة تماماً عن مثيلاتها عندنا من حيث القوة والسلامة والكفاءة !

سانحة :

حالة الازدحام والاختناق المروري ومعها الحوادث المرورية الحاصلة ؛ تحتاج إلى دراسة يجري خلالها الإجابة على سؤال : هل هناك أسباب أخرى للازدحام و حوادث المرور غير السائق ؟!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s