هناك طرفة متداولة في التراث الشعبي اليهودي ؛ يُقال أنها أصبحت من المفاتيح السياسية التي يستخدمها الساسة والاقتصاديون والاجتماعيون ، ويجعلون من فكرتها أحد معالجاتهم وحلولهم لكثرة من القضايا والمشكلات . بعد قراءة تفاصيل هذه الطرفة ؛ ماعليك إلاّ أن تتلفت وتستذكر أشياء كثيرة من حولك ، ربما حتى في حياتنا الشخصية ، فقد تجد أنه تم استخدام الطرفة فيها ، بطريقة أو بأخرى . حتى لا أطيل عليكم ، تقول هذه الحكاية إن رجلاً فقيراً ضاقت في وجهه السبل، فهو يعيش في غرفة صغيرة مع زوجته وعدد من الأولاد والبنات ، فطرق أبواب رئيس البلدية، والمحافظ ، وعدد من المسؤولين على أمل أن تتحسن ظروفه ويجد منزلاً أكبر ولكن دون جدوى، فقرر الذهاب إلى الحاخام كملاذ أخير.
الحاخام أبدى استعداده لمساعدته وأن يجد له حلاً شريطة أن ينفذ كل توصياته دون جدال أو مساءلة ، فوافق الرجل الفقير على ذلك مكرهاً ومتفائلاً، فقال له الحاخام إن أول شيء يجب أن يفعله هو الذهاب إلى السوق وشراء ( معزة ) ، فصاح مستنكراً ولكن أين أضعها ؟ فليس هناك إلا الغرفة إياها. فذكّره الحاخام بالاتفاق بينهما ، وطلب منه العودة بعد أسبوع، فرضخ صاغراً.
بعد أسبوع عاد والغضب واليأس واضحين على وجهه ، وبدأ في الشكوى من أوضاعه التي ازدادت سوءا، (فالمعزة ) بدأت تتبوّل على الأرض، وترفس الأطفال، وتدوس في بطونهم، وتحرمهم من النوم بصوتها. فأوصاه الحاخام بشراء أخرى! وطلب منه أن لا يسأل أو يتذمر مذكراً إياه في الوقت نفسه بالاتفاق بينهما.
في الأسبوع الثالث سأله كيف الحال؟ فقال له زفت وطين، كنّا بمعزة وأصبحنا باثنتين، ورائحة البيت أصبحت نتنة والنوم طار من عيون الجميع، فطلب منه الحاخام شراء الثالثة. في الأسبوع الرابع عاد الرجل والشرر يتطاير من عينيه ، فلم يسأله الحاخام عن أحواله، بل بادر بالقول إنه يتفهم معاناته ولذلك يريد أن يساعده وطلب منه بيع واحدة من ( المعيز ) الثلاث ، والعودة إليه بعد أسبوع، فتنفس الرجل الصعداء.
في الأسبوع الخامس طلب منه بيع (المعزة) الثانية، وفي الأسبوع السادس طلب منه بيع ( المعزة ) الثالثة، ثم سأله كيف الأحوال الآن، فقال إنها نعمة كبيرة أصبحنا ننام قريري العين، لا معيز ولا رفس، ولا بول ولا بعر، الحمد لله الأوضاع أفضل كثيراً من السابق ، هذه هي الحياة و( إلا بلاش ) .
سانحة :
للخلافات فوائد ، أهمها معرفة مايخفيه اﻵخرون تجاهك ، فقد يذهلك البعض بحقده وبغضه وقد تحملك عدالة ونزاهة وتجرّد البعض على أن تصفق له احتراماً.