في أواخر الأسبوع الماضي ، إبّان الاحتفال باليوم العالمي للكلى ؛ نشرت صحافتنا المحلية لقاء مع الدكتورة سمية الغريب رئيس وحدة المؤيد لعلاج وزراعة الكِلى بمجمع السلمانية الطبي في وزارة الصحة ، تطرّقت خلاله لأوضاع أمراض الكلى في البحرين وذكرت أرقاماً وإحصائيات مخيفة ، بل ومفزعة ، ولاتتناسب مع التعداد السكاني للبلد ، ولا يتوقعها أحد ، وكنت أظن أنها ستقرع ناقوس خطر ، وستعلن كثرة من الجهات المختصة ، سواء الرسمية أو غير الرسمية حالة طواريء أو استنفار لإعادة النظر في أسباب تفاقم هذه الأرقام وستدرس بدقة مبررات تناميها ، وستعلن عن خطوات أو إجراءات – أي إجراءات – لوقف تزايدها والحدّ من تناميها ووضع حلول – أي حلول – للوقاية منها والتصدّي لمنع الإصابة بها .
كان هذا هو الأمل ، أو المفترض عند الإعلان عن زيادة غير طبيعية في مرض ما ، أي مرض ، ناهيك عن خطورته ومقدار معاناة المرضى وحجم التكلفة البالغة لعلاجهم ، والتي تُقدّر بألاف الدنانير سنوياً للمريض الواحد ! التصريح المذكور بأرقامه وإحصائياته المهولة مرّ كأن لم يكن ، ومضى وضاع كغيره من القضايا والظواهر المجتمعية الهامة التي يتلاشى رعايتها والالتفات إليها في خضم الانشغال أو الاشتغال بقضايا أخرى ، يأتي في مقدمتها الشأن السياسي والأمني الذي قضى – أو كاد – على أي شأن آخر حتى لو تعلّق بصحّة المواطن ، في حاضره ومستقبله .
تقول هذه الأرقام أنه في العام الماضي 2013م ؛ استقبلت وحدة الغسيل في مجمع السلمانية الطبي (284) مريضاً جديداً، لاحظوا الرقم ومعه كلمة ( جديد ) ! وأن هذه الوحدة قامت في العام المذكور بتنفيذ (50) ألف جلسة غسيل!
ولايتوقف الأمر عند هذا الحد ؛ إنما تضيف الدكتورة سمية الغريب أنه يتردد بشكل أسبوعي على العيادات الخارجية في مجمع السلمانية الطبي ( 225 ) مريضاً بأمراض الكلى بينهم (7 ) إلى ( 10) حالات جديدة. وربما يزداد الفزع من هذا النوع من الأمراض إذا عرفنا أن هذه الأرقام والإحصائيات تخص من يترددون على مجمع السلمانية الطبي فقط ! إذ أن هنالك أرقام إضافية من مستشفيات أخرى .
قد يقول قائل أنني قد أبالغ في بيان خطورة أرقام هذه الأمراض ، لكن الحقيقة من يقترب من مرضى الفشل الكلوي ويتعرف على حجم آلامهم ومعاناتهم ،ويرى كيف أن حياتهم تتوقف ، أو تكاد ، ويقضون ما تبقى من أعمارهم على الغسيل الكلوي ( الديلزة ) لثلاثة مرّات في الأسبوع أو أكثر ، يقضون مابين ست إلى ثمان ساعات في كل مرّة للانتهاء من هذه العملية ؛ يعرف أن هؤلاء مرضى يموتون ثم تُكتب لهم الحياة ثلاث مرات أسبوعياً . وبالتالي يحتاجون منّا وقفة تساعدهم وتنقذهم مما فيه ، ويحتاج المجتمع من يقف معه لتوعيته وإنقاذه من براثن أمراض الفشل الكلوي.