راصد

محمد يوسف في ذمة الله

بين أبناء البحرين شباب لهم هامات شامخة ، يعملون بجدّ وإخلاص ، يستظلون بالتواضع والصمت ، يعرفهم الكثيرون من شعب البحرين لأنهم قريبين منهم قرباً ليس فيه علوّاً ولا غروراً ولامنّة ، ولأنهم صادقين إلى أبعد الحدود ، ومعطائين بلا ثمن ، وعاملين بلا مقابل ، في وقت عزّ فيه العطاء بلا فوائد ومن غير ثمن . وفي زمان دخل فيه أدعياء وسفهاء وفاشلين اتخذوا من تفريج كرب الفقراء ومساعدة المعوزين طريقاً للأضواء وسلّماً للبهرجة ووسيلة لـ ( الشو ) الإعلامي والانتخابي حتى صارت عطاياهم منزوعة البركة فاقدة للأجر والثواب.
هؤلاء الشباب صدقهم وإخلاصهم ؛ كان مصدر أن يثق فيهم الناس ، خاصة أهل الخير والإحسان ، وأصحاب الأيادي البيضاء ، فلم يترددوا أن يستأمنونهم على الغالي من أموالهم ، زكواتهم وصدقاتهم ، ويتركوها عندهم ليكونوا حلقة الوصل بينهم وبين الفقراء والمعوزين ، وسفراءهم لإغاثة المنكوبين ومساعدة المحرومين ، ويدهم الحانية على رؤوس الأيتام المكلومين ، وابتسامتهم التي يمسحون بها دموع الأرامل والثكالى .
هم كالأعلام في مواقع نكبات المسلمين ، في فلسطين وأفغانستان والصومال والبوسنة وغيرها من ديار الإسلام التي تم فيها القتل والتشريد على الهوية الإسلامية ، فخلّفوا مآسي وكوارث إنسانية غير مسبوقة ، وجاءت سوريا الآن على رأس هذه النكبات حيث تكاتفت جهود إغاثة مئات الآلاف من المشردين والجوعى والمحاصرين ، كان لأمثال هؤلاء الشباب المخلص أدوار بارزة في التضحية بأرواحهم ومعها جهودهم وأوقاتهم ، تركوا أهلهم وأولادهم وقطعوا المسافات لأجل تقديم واجبات المساعدة والإغاثة حرصاً على إيصالها إلى مستحقيها وتعظيم استفادتهم منها وإثبات أن من الشعوب الإسلامية من هم يتكافلون معهم ، وأنهم كما الجسد الواحد يتألمون ويتداعون لبعضهم ، ويحزنون لمصائبهم ويفزعون لنصرتهم ونجدتهم .
هؤلاء الشباب أمناء في تمثيلهم لجمعياتهم وصناديقهم الخيرية ، وسفراء خير يرفعون اسم البحرين عالياً في مجال العطاء الخيري والإخوة الإسلامية والحقوق الإنسانية ، لايثنيهم تعب أو نصب ، ولايدبّ إلى نفوسهم كلل أو ملل ، ولايخذّلهم إحباط ولاينال منهم تشويه ، فتبقى صورتهم بيضاء ناصعة مثل نقاء إخلاصهم وسلامة نياتهم . وقد قال عنهم سيد البشر صلى الله عليه وسلم : ” السَّاعي على الأَرْمَلة والمِسْكين كَالمُجاهد في سبيل الله، أَو القائم اللَّيل الصَّائمِ النَّهار”.
وماداموا كذلك ، هؤلاء الأخيار الأبرار ؛ فإنه لاعجب أن يعمّنا يوم أمس الحزن الشديد لفقد أحد هؤلاء الشباب الأفذاذ ممن عرفتهم ساحات العمل الخيري في البحرين وخارجها لسنوات وسنوات ، وهو الأخ العزيز والفاضل محمد يوسف موسى مدير الإغاثة الإسلامية بالجمعية الإسلامية الذي غادر دنيانا الفانية إثر حادث أليم ، فجعت لموته القلوب وذُرفت لرحيله الدموع ، نسأل المولى عز وجل أن يتقبله في أعلى عليين وأن يجزيه خير الجزاء وأن تكون الفردوس مثواه وأن يلهم أهله وذوويه الصبر والسلوان ، فقد كان مثالاً للشاب المخلص الملتزم العامل لدينه وأمته . وعزاؤنا فيه أن دعاء الأطفال الأيتام والأرامل والثكالى له ستحفّ قبره وترفع من شأنه عند ربّ العالمين.
سانحة :
هناك من يجرحك بأخلاقه ، وهناك من يحرجك بأخلاقه .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s