في سبب تسميته بذلك ؛ يقول الباحث الكويتي عادلالعبدالمغني ” سمي بذلك نسبة الى الطبل حيث يقوم هذا الرجل بإيقاظ الناس من نومهم بواسطة طبلة وعصا يضرب بها على الطبلة ” وارتبطت مهنته بموسم الخير والبركة حيث يستمر عمله طوال شهر رمضان بقصد إيقاظ الصائمين وتمكينهم من الأكل والشرب قبل الإمساك وكذلك ليؤدوا صلاة الفجر.
يُقال في أصلها أن جذورها ترجع إلى مصر ( أم الدنيا ) حيث كان أول ظهور للـ (المطبلاتي ) في القاهرة ، أيام الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي خصص بعض جنوده للمرور على بيوت الناس في رمضان لإيقاظهم للذكر والسحور ، وكان الجنود في بادئ الأمر يستخدمون أساليب مزعجة من أجل سرعة الإيقاظ . ثم سرعان ماانتشرت هذه المهنة في شتى البلدان الإسلامية حتى صارت من لوازم أو شخصيات رمضان المعروفة .
اختلفت المسميات مابين : أبوطبيلة والمطبلاتي و المسحّراتي وغيرها ، لكنها بقيت مهنة واحدة في شهر واحد ، تتعدّد فيها الأهازيج والأناشيد لكنها في النهاية هي صيغة ذات هدف معين يتلخص في إيقاظ النائمين ، وكان صاحب هذه المهنة يتمتع بصوته الجهوري وقدرته على رفع إيقاعات صوته وخفضها . وزاد من شهرة هذه المهنة وتمسّك السابقين بها انعدام الوسائل والمنبهات الأخرى آنذاك خاصة تلك المرتبطة بالتقنية مما تعجّ بها أوقاتنا الحالية بصورة جعلت – أو كادت – من ( أبوطبيلة ) مجرّد شخصية تراثية يحرص بعض أصحابها على الاستمرار فيها ومقاومة عوامل الزمن والتغييرات الدخيلة على أصل المهنة وهدفها رغم تزايد مسببات الانشغال عن سماع الطبل ، مهما تم قرعه وارتفع صوته من قبل ( المسحراتي ) .
غير أن هوان المسلمين وضعفهم وتفرّقهم واشتغال آلات و(مكائن) كثيرة عليهم ، مثل التغريب والعلمنة والقمع والفقر و… إلخ ؛ جعلتهم يلهون أو تكون آذانهم صمّاء عن أصوات طبل تُقرع حواليهم ، تنذرهم وتنبههم إلى مصائر سوداء ماحقة تقترب منهم وتحيط بهم ، هناك في فلسطين حيث تصل ذروة الحقد الصهيوني ويخوضون معركتهم الأخيرة لاقتحام المسجد الأقصى ، قبلة المسلمين الأولى ومسرى رسولهم صلى الله عليه وسلم ، بجواره تُساق الألوف المؤلفة من إخواننا السوريين إلى المجازر ومثلهم في العراق ومثلهم ومثلهم ومثلهم فلا تنفع معنا دقّات مثل ( أبو طبيلة ) ولا صيحات ( المسحراتي ) ..
بقي أن نشير إلى أن أبوطبيلة مهنة شريفة وغاياتها نبيلة ، يتكسّب أصحابها منها رزقاً حلالا مباركاً فيه ، وهي بالتأكيد تختلف عن المهنة المنتشرة هذه الأيام ، وصارت معروفة في دنيا الناس بـ ( الطبّال ) ويعنون بها الشخص الذي يرتزق ويتكسّب من خلال ممارسته النفاق وتضليل الحكام والمحكومين عن الحاجات والقضايا التى تهم معايش الحياة ويمنعون النصيحة الصادقة ويكونون سدّاً منيعاً ومانعاً للإخلاص والأمانة .
سانحة :
هناك أنواع أخرى من مشتقات وظائف الطبل أيضاً، يمكن أن نطلق عليهم أيضاً ( أبو طبيلة ) ، يمكن معرفتهم استناداً على ماجاء في رائعة ابن المقفع المعروفة ( كليلة ودمنة ) : زعموا أن ثعلبا أتى أجمة ( أَجَمَة : مكان فيه شـجر صغير وكثيف وملتف ) فيها ” طبل ” معلق على شجرة ، وكلما هبّت الريح على قضبان تلك الشجرة حركتها فضربت الطبل فسُمع له صوت عظيم باهر. فتوجه الثعلب نحوه لأجل ما سمع من عظيم صوته.فلما أتاه وجده ضخماً ، فظنّ في نفسه بكثرة الشحم واللحم فيه . فعالجه حتى شقّه.فلما رآه أجوف لا شيء فيه قال :”لا أدري لعل أفشل ( أضعف ) الأشياء أجهرها صوتا “.