كان من ضمن الاكتشافات المحزنة التي أماطت عنها اللثام أحداث عام 2011م ؛ أن كثرة من مؤسسات المجتمع المدني قد تم اختطافها طائفياً وتجييرها لتقديم خدمات دعم ومساندة لذلك المشروع في ظل غياب لافت و( فاضح ) للمكوّن الرئيسي في المجتمع عن الانضمام والانخراط في مثل تلك المؤسسات التي صارت لاعباً أساسياً وفاعلاً ومتنامياً في حياة الشعوب والمجتمعات في عصرنا الحاضر.
وبغض النظر عن أسباب الغياب آنذاك لهذا المكوّن الرئيسي، سواء كانت تتعلق بحالة الضعف أو (التضعيف ) المؤسسي أو قصر النظر الاستراتيجي أو الكسل والغفلة والانشغال الذاتي أو الانزواء وتصديق ( سالفة ) وهْم الاستقلالية أو ما شابه ذلك من أسباب تجرّعنا – وربما لازلنا – مرارة أن تلك المؤسسات المدنية ، من جمعيات ونقابات ولجان لم يكن لأهل السنة والجماعة أي دور في قراراتها وتوجهاتها وأنشطتها وخدماتها ، وذلك على النحو الذي جرى اكتشافه أبّان تلك الأحداث المؤسفة عام 2011م . بغض النظر عمّا حصل ؛ فإنه يبدو أن الوعي الجمعي قد استفاق ، وبدأ في التغير بالالتفات إلى أهمية الانضواء في تلك الجمعيات والنقابات ، بل وحمْل ألويتها بعدما تم – أو كاد – استملاكها لسنوات طويلة وقصرها على غيرهم ، سواء بطريقة قسرية أو بابتعاد طوعي ( وهو الأغلب ) عنها .
ولذلك نبارك لمجلس الإدارة الجديد لجمعية الأطباء البحرينية الذي جرى انتخابه في أوائل الشهر الحالي وتكوّن من مجموعة من خيرة الأطباء ، تميزهم الروح الشبابية الوثّابة ، وأحسب أنهم مدفوعين بالإخلاص والحماس لإعادة رسم خريطة اهتمامات هذه الجمعية المهنية الكبيرة وتوجيهها نحو تحقيق إنجازات كبيرة في مجال الخدمات الطبية تتواكب مع الطموحات المرتقبة منها ومن مثيلاتها بعدما تقرر أن يكون لها انطلاقة جديدة تختلف عن أوضاعها السابقة ، وأن ترمي وراءها تراكمات الفترة الماضية لتمارس دورها الحقيقي في الارتقاء بمهنة الطب والاضطلاع بمهمة إكساب أعضائها المزيد من الامتيازات وتقديم مايلزمهم من دعم يحفظ لهم حقوقهم وينمي نتاجهم ، وتكون هذه الجمعية حاضنة لجميع الأطباء ، من كل شرائح المجتمع وفئاته خاصة وأن الطب مهنة إنسانية راقية يرقب الناس في البحرين أن ترتقي لأعلى المستويات ، وأن تكون بلادنا وجهة مفضلة للسياحة العلاجية .
إن جمعية الأطباء وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني التي لبست أثواباً جديدة تختلف عن ألبستها قبل عام 2011م تحتاج إلى أن تُقدّم لها مختلف صنوف الرعاية والدعم والتشجيع ، من الدولة ومن المواطنين على السواء ، حتى تستطيع أن تجلي عنها مالحق بها من انحرافات عن نهجها ودورها المهني وحتى نمنع عنها الفشل في أولى مراحل تغيير ماض رأينا مخرجاته ونتائجه . عموماً كل أمنيات التوفيق والسداد نتمناه لأطبائنا في جمعيتهم بثوبها الجديد .