مهما قيل عن الفترة الواقعة بين أواخر العام ٢٠٠٠ والعام ٢٠٠١ في البحرين فإن أحدا لا يمكنه أن يوفيها حقها من الرصد والتوثيق ومتابعة تفاصيل ماحدث فيها من وقائع ومبادرات نتج عنها انفراج سياسي وأنهى حقبة من الأزمات والتوتر يصعب تجاوز القول بشأنها أن الحكم قد امتلك زمام إرادة التغيير وشجاعة طرح مشروع متقدم للإصلاح الديموقراطي سبق به آخرون كثر وأعاد وضع البحرين على خارطة الدول التي تتمتع بحريات ومشاركة في صنع القرار .
ليس ميثاق العمل الوطني الذي جرى التوافق عليه هو العلامة المميزة فقط حينذاك – رغم نصيبه الكبير من تلك الأحداث – وإنما المبادرات المصاحبة والروح الجديدة التي تم بثها في عموم الشعب البحريني ودفعته للتصويت بقبول الميثاق في استفتاء نادر في حجم المشاركة فيه مثل ندرة النتائج التي حققها ، بل ليس من المبالغة أن سرعة الأحداث الإيجابية في هذه الفترة قد أذهلت المواطنين والمقيمين على حد السواء.
وبالرغم من كل الأهمية والحيوية لتلك الفترة فإن أحدا – بحسب معلوماتي المتواضعة – لم يؤرخ لها أو يقوم برصدها وتوثيق أحداثها على نحو تحليلي ، يحفظ المعلومات ويسبر ماحولها ويرصده ويجعلك تفهم ماالذي حدث آنذاك ، وذلك إلى أن فاجأنا زميل الدراسة وزميل المهنة الأخ العزيز غسان الشهابي بكتابه القيم الذي حمل عنوان ” ماكان البحر رهواً ” واختار له أن يدشنه في معرض الكتاب الأخير حيث برز بين العديد من الكتب ( المدشنة ) التي لم يكن لها أي قيمة علمية أو ثراء معرفي ، وكان بعضها مادة أخرى للتكسب والارتزاق بينما تفرّد كتاب غسّان بكمّ كبير من حرص وإخلاص الباحث الفاحص الأمين ، ينضح بحب حقيقي للوطن وتوثيق رصين لهذه الفترة الغالية والمفصلية في تاريخ البحرين .
سانحة :
كتب الأخ العزيز غسان الشهابي في الغلاف الأخير لكتابه : اليوم تبقى لميثاق العمل الوطني البحريني أهميته ، يبقى البحرينيون المعاصرون لهذه الفترة يتذكرون الحدث الذي قرّ في وجدانهم ، ولكن جرت مياه كثيرة من بعده ، وكان الميثاق سلماً للمتغيرات التي أتت وتلاحقت .
إنها ليست قراءة في من أصاب ومن أخطأ ، ولكنها محاولة للم أوراق ماحدث في تلك الفترة المفصلية ، حتى لا يعلوها النسيان ، فلا يتذكر الناس من أين كان مبدأ القصة وإلى ما انتهت .