راصد

تاريخنا .. مازال الأمل باقياً

قلنا ، وسنظل نقول أن الأحداث والتطورات الجارية في بلادنا ومن حولنا ، هي مفصل هام في مكانه وزمانه ، لا يتعلق بمناحي سياسية كما قد يتصوره الكثيرون فحسب وإنما صار هذا المفصل يقترب أكثر فأكثر بهوية وانتماء ينبغي عدم التهاون والتفريط فيها لصالح مسائل أخرى كتحقيق أمن واستقرار يقتنع الجميع بأهميته لكنه ليس بديلاً يمكن المقايضة أو التضحية لأجله بهوية وانتماء البحرين التي لها تاريخ ضارب بجذوره في أعماق التاريخ الإسلامي وارتباط أرضها وأهلها بالذات بالمصبّ الرئيسي للإسلام الذي يعمل البعض على حرْفه ويتكلم عن سكان أصليين وغير أصليين في محاولة لإبعاد البحرين عن ذاك المصبّ الرئيس للإسلام.
وكان الظن و( العشم ) أن هذه الأحداث والتطورات قد نبّهت الغافلين وقرعت الأجراس وشحذت الههم لترفع من شأن الهوية والانتماء وتعطي مسألتها الأولوية القصوى التي تبعد عنها أيادي السطو والمزايدات وتعمل على تنقيتها من الشوائب وترسبات ( الأمر الواقع ) أو أن تنبري مؤسسة أو جهاز في الدولة للذود عن كل تزييف وتعرية أية دسائس وتلفيقات تمس من هذه الهوية والانتماء أو يتبنون نشرها وغرسها كثقافة لدى أبنائنا وشبابنا وأجيالنا عن عروبة البحرين وانتمائها الإسلامي حيث باتت ثقافتهم مسخاً أو خلطاً لا علاقة لها بثقافة الهوية الوطنية إلاّ بضع أغاني وطنية ومعها أيضاً قصائد شعرية من نوع معين سيطر على ساحة الشعر رغم ضعفه وانعدام قافيته وهلاك قريحته .
ومع كل ذلك فإن شيئاً مما تمنيناه وتوقعناه لم نره على واقع الأرض ، رغم فداحة الخطب وتجلّي هذا الخطر على هويتنا وانتمائنا ؛ بل لا أحد يدري من هي الجهة المسؤولة حتى الآن عن حماية هويتنا والدفاع عن انتمائنا والرد على أية افتراءات وفبركات وإيقافها عند حدودها. فمجلسنا الأعلى للشؤون الإسلامية لانعلم عن حراكه إلا القليل ومثله أوقافنا السنية ، وهيئتنا الإعلامية مشغولة باستراتيجيات وخطط لم نسمع أن لها شأنا بالهوية والانتماء ، وأما وزارة الثقافة فقد استجمعت قواها لتمرير نوع غريب من الثقافة هو أقرب إلى ( المسخ ) الذي لاصلة له بالمدلولات المعروفة للثقافة ويجري إلزامنا بقبوله كمفهوم لايقوم في أساسه على بيان مقدرات العروبة والإسلام ، ولا يخضع لاعتبارات الهوية والانتماء ، وباتت في عرف الناس ثقافة ( الهشّك بشّك ).
وبالتالي لاغرابة – مثلاً – أن يعلن مؤخراً الدكتور محمد أحمد عبدالله مدير مركز الدراسات التاريخية بجامعة البحرين أن الطبعة المتداولة في مكتبات البحرين لكتاب التحفة النبهانية لتاريخ الجزيرة العربية– وهو أحد أكبر المراجع التاريخية – لمؤلفه الشيخ محمد بن خليفة بن حمد النبهاني (الطبعة البيروتية: طبعة المؤسسة العربية للدراسات والنشر في لبنان، والمكتبة الوطنية في البحرين عام 2004، والطبعة المصورة عنها في 2010″الطبعة الثانية”) هي طبعة غير دقيقة، لما يشوبها من أخطاء أدت إلى تصحيف كثير من المعلومات والحقائق التاريخية وأغفلت جوانب مهمة مما كان وارداً في الطبعة المحمودية (القاهرة، عام 1342هـ/ 1923م، المطبعة المحمودية) التي تتوفر نسختها الأصلية في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة. وبين مدير مركز الدراسات التاريخية بجامعة البحرين أن الطبعة البيروتية من الكتاب قد مسّت تاريخ البحرين بالتحريف والحذف بشكل لافت وغير مبرر، وأدرجت عبارات لم ترد في النسخة الأصلية (المحمودية) إضافة إلى حذف أسماء الشخصيات والأماكن في البحرين، بل وتغيير أسماء بعض هذه الأماكن المعروفة إلى اليوم في البحرين ؛ لاغرابة أن يعلن عن هذا التحريف والتشويه فلا يأبه به أحد ولايُلتفت لاكتشافه ، وأحسب أن مثل هذا الاكتشاف في دول أخرى يكون الأمر عبارة قضية رأي عام مفتوحة الأبعاد ومدعاة للتحقيق والمساءلة والمطالبة بالتصحيح وردّ الاعتبار و… إلخ .
وبالتالي لاغرابة – أيضاً – أن ينبّه أحد مشايخنا الأفاضل وهو الشيخ محمد الحسيني إلى حقيقة ( قبر صعصعة ) متبعاً النهج العلمي في الدراسة والتحليل فيستخدم الأدلة والبراهين التاريخية ؛ فتُشنّ عليه – نتيجة لتنبيهه – حملة ضارية قوامها السباب والشتائم والتجريح ، ثم يُترك وحيداً في مجابهة تلك الحملة كأنما الأمر- أمر الهوية والانتماء – لايعني أحداً ، وليس في وارد اهتمام حتى أجهزة الدولة ..

سانحة :
وتبعاً لذلك ؛ فإن الكلام عن تاريخ المساجد والأضرحة والمواقع والشخصيات الإسلامية أصبح – أو كاد – أن يكون حكراً على فئة معينة لاتسمح أن يغالطها أحد، وغير مسموح لنا الخوض في التاريخ إلاّ ربما فيما يتعلّق بالدلمونيين والفينيقيين وماشابههم !! وعلى العموم مازال الأمل باقياً في أن تتولى جهة ما مسألة حماية هوية وانتماء البحرين للمصب الرئيس للإسلام والذود عن ذلك.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s