من منّا لايذكر منال ورملة ، أو فلنقل من منّا لايتذكر ذاك الحادث المروري المروّع الذي ذهب ضحيته هاتين الفتاتين قبل حوالي عام واحد من الآن ، واشتهر – آنذاك – بحادث سقوط السيارة من أعلى كوبري السيف ! للتذكير بالتفاصيل أو ببعضها ؛ يُقال أنه في ظلمة الليل ، وبعدما لعبت الخمر في رأس أحدهم وبلغ حدّ السكر ؛ قرّر أن يمتطي مقود سيارته ويتنقل بها من مكان إلى آخر ، حاله حال الأصحاء والأسوياء من مرتادي الطرقات والشوارع ، غير آبه بأن المسكر الذي شربه قد عطّل عقله وأفقده تركيزه ، ولم يبال بأن أم الخبائث التي قام بتعاطيها لا يصلح معها إلا التخفي والانزواء في الجحور كالفئران ، وليس مزاحمة العقلاء من الناس في طرقاتهم وشوارعهم.
ومع بزوغ ساعات الصباح الأولى من يوم الخميس 20 يونيو 2013م كان صاحبنا ( المخمور ) يقود سيارته على شارع الشيخ خليفة بن سلمان أعلى كوبري السيف في طريقها باتجاه مدينة حمد حيث انحرفت فجأة مصطدمة بالحاجز الأسمنتي يمين الطريق مخلفة وراءها كمية من الأتربة . في الأثناء ، تصادف مرور سيارة بها ثلاث فتيات شاء القدر أن يكون اليوم نفسه هو آخر يوم دراسي لهن ، وأردن الاحتفال به بطريقتهن الخاصة في محل دراستهن ، كن – هذه الفتيات- قد حملن معهن في السيارة وروداً وزهوراً تليق بمناسبة احتفالهن ، لكن لم يرد على بالهن أن هذا السكران سيحول يومهن من آخر يوم دراسي إلى آخر يوم في حياة اثنتين منهما ، ويختط في لحظة من الزمان أعمارهما الغضة التي لم تجاوز العشرين عاماً .
الفتيات الثلاث تفاجأن بانحراف سيارة صاحبنا (السكران) ، فحاولت قائدة السيارة قدْر جهدها تفادى الاصطدام بتلك السيارة، فانحرفت أقصى اليمين، مما أدى إلى الاصطدام بالحاجز الأسمنتي، وعدم قدرتها على التحكم في السيارة، وانحرافها مرة أخرى أقصى اليسار مصطدمة بالحاجز الحديدي وانحشارها في فتحة به وسقوطها بركابها من أعلى الكوبري، مما أدى إلى وفاة منال ورملة في الحال ونقل قائدة السيارة إلى المستشفي في حالة خطرة.
مع انتصاف نهار ذاك اليوم ؛ كان خبر وقوع هذا الحادث المؤسف قد ملأ الآفاق ، واهتزت القلوب والمشاعر لوفاة هاتين الفتاتين ، كان غضب الناس وانفعالهم قد انصبّ جزء كبير منه على ضعف الحواجز الموجودة أعلى كوبري السيف ، كانوا يرون أنها أو أن مواصفاتها ليست كافية لمنع سقوط السيارة ، على الإثر توالت ردود الأفعال الرسمية دفاعاً عن إجراءات السلامة على الجسور والكباري ، وكثُر الحديث والتصريحات عن تلك الحواجز ، وأن كل شي تمام في تمام ، بل تم وضع حواجز إسمنتية كوقاية إضافية لتلك الجسور.
ثم مالبثت أن هدأت المشاعر وتلاشت آثار الصدمة وترحم الناس على هاتين الفتاتين الذين قضتا في عمر الزهور ، رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته ؛ لنتفاجأ في نهاية الأسبوع الماضي بأن حكماً قضائياً قد صدر بحق المتسبب الرئيس في الحادث وإزهاق روح الفتاتين ، الحكم يقضي بحبسه ستة أشهر وكفالة (500) دينار لوقف التنفيذ وغرامة بالقيمة نفسها ! وفقط !! سانحة :
بصدور مثل هذا الحكم ، فإنه يحق لنا القول : إلى أن يُمنع الخمر أو تتغير العقوبات فإنه لا يوجد ما يمنع أن يفعل الخمر في مثل منال ورملة فعلته مرة ثانية وثالثة ورابعة و … إلخ ، وتكون شوارعنا حلبة مفتوحة لهم ، فيغتال المخمورون مايشاؤون في تلك الشوارع ، بلا خوف أو رادع طالما أن عقوباتنا هي بمثابة الإذن والترخيص لهم بأنه لاغضاضة في جرائمكم حتى لو أدّت إلى أن تستلّ أرواح بريئة دفعها القدر لأن تكون في الشوارع بجانب مخموين مخبولين ، ماكان ليُسمح لهم بالسير مع الأسوياء والأصحاء ، هكذا يُفترض لولا أن ….