على الأرجح أن (الفزعه) لحريق سوق المحرق ، بما تضمنته من تصريحات واجتماعات وزيارات واتهامات متبادلة ستنتهي بعد بضعة أيام ، ربما في منتصف أو نهاية هذا الأسبوع حيث سيلف الصمت المكان وتُضاف الحادثة إلى سجل منسيات الزمان ، وتموت هذه ( الفزعه) وتنتهي احتفاليتنا بهذا الحريق إلى لاشيء سوى خسارة وحسرة أصحاب المحلات التجارية المحترقة وتوقف أرزاقهم وتعطّل مداخيلهم وتعثر معيشتهم بالإضافة إلى زيادة الحزن والأسى على حال مدينة المحرق التي يجري الحديث كثيراً عن عبق تراثها وعراقة ماضيها فيما هي على أرض الواقع يلفها الإهمال والنسيان ماجعل الكثيرمن فرجانها وبيوتات عوائلها أشبه ماتكون بالعنابر أو “خان” للعمال الآسيويين حتى لُقّبت بعضها بأسماء من مناطق هؤلاء العمّال بصورة يتعسّر معها فهم الكيفية التي تم خلالها التفريط بمثل هذه المناطق و( الفرجان ) والسماح لساكنيها بأن يظعنوا منها في الوقت الذي تحافظ أكثر الدول على مناطقها القديمة وتتسابق لتجميلها وإعادة إحيائها وإعمارها وإبقائها كمعلم حضاري وتاريخي بشتى تفاصيلها التي أهمها أهلها ( وناسها ) ولايُسمح بأن يستوطنها غيرهم أو من يمسّ نسيجها الاجتماعي بشكل فجّ وغاشم ، كما هو النحو الحالي للمحرق .
ستنتهي تلك الاحتفالية الممجوجة ، وسُيعلن أن الحريق ناتج عن تماس كهربائي أو عطل فني أو تسرب غاز أو ما شابه ذلك من دواعي الحريق ، وسيختفي معها الفاعل أو السبب الرئيس لوقوع حريق سوق المحرق ، سيتوارى عن الأنظار والمحاسبة هذا الفاعل وسيبقى مبرئاً من أي مسؤولية ، ليست عملية وتنفيذية فحسب وإنما لايتحمّل هذا الفاعل أية أوزار أدبية أو أخلاقية تجاه ماحدث لسوق المحرق .
إن الفاعل والمتسبب الرئيسي للحريق في واحد من أقدم الأسواق البحرينية وأكثرها شهرة هو الإهمال وسوء التخطيط والتدبير الذي يمكننا الاتهام به لغالب من اشتركوا في ( الاحتفال ) أو ( الكرنفال ) الذي أعقب الحريق وصوروا بجانبه وصرّحوا بشأنه فقد كانوا على علم تام ودراية متيقنة أن وضع السوق غير سليم وأنه عرضة لكارثة في أي وقت ، وأنهم يعلمون دون مواربة بإمكانية وقوع الحريق أو ماهو أشدّ منه ويتوقعونه في أي وقت ، ومع ذلك لم يتحركوا ، ولم يبادروا ، ولم يقوموا بمسؤوليتهم الواجبة تجاه منع وقوعه. وغداً نكمل .