في الواقع ؛ لا أحد يدري متى حصل هذا التغيير في استقبال شهر رمضان المبارك ، أو الكيفية التي دخل بها هذا التغيير على أعراف الناس وعاداتهم ؛ فقد كان فيما مضى من الزمن الجميل أن الناس يدعون المولى عز وجل لعدة شهور سابقة حتى يبلغهم رمضان ، فإذا بلغوه اجتهدوا في الصيام والقيام وقراءة القرآن الكريم ونظموا أيامه وفرّغوا أنفسهم للعبادة والاعتكاف وطاعة الرحمن من دون أن تدخل فيه أية شائبة تفسد عليهم خلوتهم مع شهر الله الكريم . ومن غير منغصات أو ملهيات تضعف لهم مكانة رمضان وتبدّل طريقة استقباله واحتضانه إلى ما يجري في السنوات الأخيرة من مظاهر – ربما – لاعلاقة لها بفضائل وغنائم خير الشهور .
ومن أسوأ هذه الاستقبالات المحدثة هو حشد أفلام ومسلسلات يجري تخصيصها للعرض في أيام وليالي رمضان بحيث لسان حال هذه الفضائيات التي تتبنى طريقة استقبال و( إلهاء ) الناس يقول : شهر رمضان الذي أنزلت فيه الفوازير والمسلسلات !! على أن السوء لايتوقف على ذلك فحسب ، وإنما يتخطاه لمضامين تلك المسلسلات والبرامج التي قد لاتراعي حرمة الشهر الفضيل وتجد فيه فرصة لبث أفكار وسموم ربما تمسّ أو تسيء لمداميك في القيم والأعراف والتقاليد المرعية .
من ذلك – مثلاً – مسلسل يجري الإعلان منذ فترة عن ترقب عرضه في شهر رمضان القادم ، المسلسل يحمل عنوان ( أمس أحبك وباجر وبعده ) ! ليست المشكلة أو العوار في عنوانه فحسب وإنما أشيع أنه يتناول في مضمونه زنا المحارم حيث أثيرت ضجة واعتراضات من مشايخ وعلماء وخطباء ومفتين أبدوا غيرتهم على دين الله وتحفظهم على موضوعه وكذلك اعتراضهم على الإقدام على تدشينه في شهر الله ، شهر الطاعة والعبادة .
وبالرغم من كل تلك الاعتراضات والتحفظات إلاّ أن الفضائية المسؤولة عن بثه وصاحبة إنتاجه وإعداده لازالت تصرّ على المضي في عرضه ضاربة مشاعر الناس – بما فيهم العلماء والمشايخ – عرض الحائط . علماً بأن هذه الفضائية نفسها كانت قد ألغت وأوقفت قبل حوالي ثلاث سنوات – أقل أو أكثر – عرض مسلسل آخر بمسمى ( للخطايا ثمن ) كانت تنوي أيضاً عرضه في شهر رمضان المعظم ، أوقفته بعد اعتراضات وتحفظات من بعض العلماء والمشايخ من الطائفة الشيعية لتناول المسلسل نكاح المتعة . وبالتالي يكون موقف هذه الفضائية غريباً ومتناقضاً حينما توقف مسلسل لاعتراض مشايخ الشيعة عليه بينما تصرّ على عرض مسلسل آخر بالرغم من اعتراض العلماء والمشايخ من أهل السنة والجماعة عليه !
سانحة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ” خير الناس من طال عمره وحسُن عمله، وشرّ الناس من طال عمره وساء عمله “