أتمنى في خضم الاستعداد للاستحقاق الانتخابي القادم ، سواء في مجاله النيابي أو البلدي ؛ أن تتطور طريقة إعلان البعض عن نيتهم للترشح في سباقات هذه الانتخابات ، وأن تتغير الطريقة التقليدية الي ألفها الناس ، وربما سئموا منها خاصة في ظل توقعات بزيادة الوعي الجمعي للناس وتفهمهم للأدوار المرتقبة من نوابهم وبلدييهم ، ولم يعد من السهولة استقطاب أصواتهم بذات الطريقة القديمة التي درَج البعض على انتهاجها كلما اقترب موسم الانتخابات وقرر – هذا البعض – خوض غمارها .
لا أعني هنا بالطريقة القديمة فقط هو أن يكتشف أحدهم – فجأة – رغبة في نفسه لأعمال الخير والبر ، فيجنح ليتصدّر أوجه الإحسان والصدقة ، عطفاً ورفقاً بالفقراء والمعوزين ، اعتماداً على فهم أن استقطاب الأصوات – فضلاً عن شرائها – إنما يدخل أو يمرّ عبر إطعام الفم أو سدّ حاجة المعوزين والفقراء .
الطريقة القديمة والتقليدية التي أتمنى أن تتبدّل هي أنه بمجرّد أن يعزم بعضهم على الترشح فإن إعلانه أو تصريحاته تنصرف إلى إظهار عورات المترشحين المنافسين خاصة إذا كانوا نواباً أو بلديين حاليين ، والحديث عن عجزهم وفشلهم ، وتقليل جهودهم وتصفير إنجازهم ، وأنهم لم يقدموا أو يفعلوا شيئاً ، ثم قد تتطور إعلانات الترشح للكلام عن الانتماء ؛ فإن كان المترشح مستقلاً صبّ جام غضبه على الجمعيات السياسية وبالأخص الإسلامية منها واتهمها بالمتاجرة بالدين أو سماها بـ ( المتأسلمة ) أو ما شابه ذلك من تهم وادعاءات تكون على طريقة ( يدنّي القرص صوبه ) . وإن كان المترشح منتمياً لجمعية سياسية فإن سهامه يوجهها ضد المستقلين من باب أن العمل البرلماني والبلدي لابد وأن يكون من خلال جمعيات وأحزاب سياسية . وهكذا قد تتطوّر تصريحات وإعلانات العزم على الترشح لتصبح قريبة من حروب إعلاميةوصحفية ، يدخل فيها الكيد أو الافتراء أو المبالغات التي تصل إلى حدّ (التهريج ) الذي لايجد فيه الناخبون سوى عرض عضلات وكشف سوءات بينما يغيب عن هذا المشهد أمور أهم بكثير من تسقيط الآخرين وتشويه المنافسين وتصفير الحاليين ، يغيب برنامج المرشح وخططه لمعالجة مشكلات الناس التي تتعلق بحاضرهم وسويّة معيشتهم ومستقبلهم ، وتغيب رؤيته في تجاوز ماعجز عنه الآخرون وطريقته أو اقتراحاته في تلافي عقبات ومعوقات .
للأسف الشديد تتجه جهود وأوقات و– ربما – أموال المعلنين عن نيتهم الترشح في أمور ثانوية تتعلق بمحاولة الصعود على الأكتاف بتلفيق عيوب وإظهار نواقص وإشاعات وتدليس ، وينسون أنهم مطالبون بأشياء أخرى ، أساسية تتعلق بكفاءتهم وقدراتهم حيث لايكفي أن تظهر ضعف الآخرين في حين أن قدراتك ومهاراتك ليست من أولوياتك .
سانحة :
في الطريقة القديمة والتقليدية لبعض المترشحين ؛ يغيب أو يندر عن فرق العمل والحملات الانتخابية الخاصة بهم أن يكون من بينهم ذوي الكفاءات والتخصصات الاقتصادية أو السياسية أو العلمية أو الاجتماعية أو الثقافية أو … إلخ من الذين يستطيعون إعداد وتسويق برنامج عمل المرشح نفسه وشرحه وإقناع الناس به وأخذ ملاحظاتهم وتحفظاتهم والعمل على تطويره وما إلى ذلك مما هو معمول به انتخابات الدول المتقدمة التي يجري فيها تسويق البرنامج والفكر بغض النظر عن الحزب أو الشخص ، هكذا يُفترض وهذا مانتمناه في انتخاباتنا القادمة .