تميز الدكتور جوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر بأنه أحد أبرز أعضاء حكومة ألمانيا النازية آنذاك ، لامتلاكه عدد من المهارات والقدرات غالبها كانت تصبّ في خانة التضليل والتدليس ، واعتبر أحد دهاقنة الحرب النفسية وأكبر من وظفوا وسائل الإعلام لترويج النازية وتطلعاتها . والأهم أنه يرجع إليه – جوزيف غوبلز – الملكية الحصرية للشعار الشهير ” اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ” وذلك قبل أن يتعدّى على هذا الشعار أقوام وأقوام استباحوا هذه الملكية ولم يراعوا حصريتها للدكتور غوبلز ، وربما غلبوه وتفوقوا عليه في تطبيقهم لهذا الشعار .
الاستخدام السيء لهذا الشعار ” اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ” صارت له اليوم أهداف أخرى غير نشر منهج أو معلومات غير صحيحة أو في السب والقذف أو إضعاف العدو والحط من روحه المعنوية ، الاستخدامات الجديدة تتعلق بنواحي هي أقرب للابتزاز والتخويف الذي أعتقد – وأتمنى – أنه لم يعد ينطل على أحد .
هذا الشعار سيء الصيت والذكر كثُر استخدامه عندنا هذه الأيام في أمرين : أولهما : فيما يخص الشأن السوري أو العراقي ؛ فما تكاد وزارة الداخلية تصدر بيانا أو تنبيها أو توجيها يتعلق بالقتال في تلك المناطق والتحذير من مغبّة المشاركة في أتون تلك المعارك حتى ينبري القوم من أصحاب هذا الشعار بتوجيه اتهامات تصل إلى حد التحريض على من قاموا – ولايزالون – بتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري وإمداده بمختلف أنواع إعانات العمل الخيري والإغاثي بصورة مشرفة رفعت اسم البحرين عالياً في هذا المجال الإنساني ، وفي هذا البلد الذي تم فيه إبادة مئات الآلاف وشرّد أضعافهم إلى الدول المجاورة في محنة إنسانية باتت تُسمى بأنها كارثة العصر .
مستخدمو شعار ” اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ” يعملون جاهدين على ليّ عنق الحقيقة التي يعرفونها ليصوّروا أن من قدّم تلك المساعدات – سواء جمعيات أم أفراد – إنما هم مشاركين في القتال وداعمون للفزاعة أو المصطلح الشائع الاستعمال هذه الأيام ، وهو( الإرهاب) وينسى هؤلاء في خضم ممارستهم لشعار الدكتور جوزيف غوبلز المقاتلين الذين يشاركون النظام السوري في عمليات الذبح والفتك ويذهبون هناك بدوافعهم الطائفية للتدريب والمشاركة في الحرب ، ويتغافلون عن الجثامين البحرينية التي تتناقل وسائل الإعلام تشييعهم في النجف كقتلى من سوريا . وغالب الظن أن الابتزاز المقصود هنا من وراء استخدام هذا الشعار هو دفع السلطات نحو وقف المساعدات والإعانات للشعب السوري التي – لاشك – أنها تغضب هؤلاء ولاتفرحهم .
أما الأمر الثاني الذي يكثر تجاهه استخدام شعار ” اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ” فهو يتعلق بالبعثات ؛ وهو استخدام موسمي لهذا الشعار ، يجري اللجوء إليه كل عام في مثل هذا التوقيت من أجل الابتزاز ، لأنهم يعلمون أن المخاوف والاتهامات التي يقولون بها عن توزيع البعثات غير موجودة ، وليس لها مكان على أرض الواقع والتطبيق ، وذلك بخلاف فترات سيئة سابقة ومعروفة ، كانت تُوزع فيها البعثات والمنح على الهوية ، بدون نشر أسماء ولامجاميع ، وكانت تُحرم منها – عيني عينك – أجيال من المتفوقين من أهل السنة والجماعة دون أن يتكلم أو يطريها أحد حتى دفعت تلك الاجيال أثماناً باهظة من مستقبلها لخسارتها أو إقصائها عن تلك البعثات والمنح الدراسية آنذاك .
سانحة :
الابتزاز في استخدام شعار ” اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ” ؛ يُرمى من ورائه إما التغطية على أمر يُخشى انفضاحه – كما هو الحال في الأمر الأول المتعلق بسوريا – وإما الحصول على أشياء ومكاسب ليست من حقه – كما هو الحال في الأمر الثاني المتعلق بالبعثات – والله أعلم .