راصد

القرار والموت السريري

في عام 2009م ، بالضبط بتاريخ 13 أبريل 2009م ؛ أصدرت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة والإعلام – قبل فصل الوزارتين – قراراً وزارياً جريئاً تضمن تحقيق شيئاً كبيراً من مطالب وتمنيات الكثرة الغالبة من شعب البحرين ، من الغيارى والمخلصين الذين آلمهم الحال السيء للسياحة الهابطة والتجارة الرخيصة التي أساءت لسمعة البحرين وضربت مداميك في الثوابت الأخلاقية والقيمية المعروفة عن أهل البحرين ، وجعلت من مناطق بعينها في عاصمتنا الجميلة مايشبه مكبّاً لمختلف صور الرذيلة والانحلال .
القرار الذي أقصده وصدر آنذاك ؛ حَمِل رقم (21) لسنة 2009 وتم نشره في الجريدة الرسمية في عددها رقم (2891) الصادر بتاريخ 16 أبريل 2009م ويتعلق بمنع بيع وتقديم المشروبات الكحولية ووقف استقدام الفنانين والفنانات ووقف العمل برخص مرافق الديسكو والمناهل و(البارات) وصالات تقديم العروض الفنية العربية والأجنبية بالفنادق فئة النجمة والنجمتين.
وبالرغم من ترحيب ودعم الناس – أقصد الأسوياء من الناس – بمضمون هذا القرار باعتباره قد حقق مطلباً شعبياً ونيابياً وعودة طبيعية ومفترضة إلى التزام شرعي وأخلاقي ؛ إلاّ أنه في الجانب الآخر قد أثار حفيظة آخرين ، من المتاجرين عندنا بالرذيلة وأثرياء الرقيق الأبيض من متنفذين ومتمصلحين من سياحة الدعارة ، ساندهم في اعتراضاتهم مجموعة من الخمّارين والزمّارين ممن هالهم غلق باراتهم ومواخيرهم ووقف حال ( قوادتهم ) وصاروا يتباكون على خسارة تجارتهم ، ويتصنعون الحزن والخوف على تأثر مداخيل اقتصاد البلد نتيجة هذا القرار ، مع أن الجميع يعرف أن هذه التجارة المبتذلة إنما هي أملاك خاصة لاتساهم بشيء للدخل القومي فضلاً عن أننا لسنا في حاجة إلى مداخيل محرّمة ومنزوعة البركة و( الحرّة تجوع ولاتأكل من ثدييها ).
ونتيجة لهذا الاعتراض والتحفظ ، ولأن المتحفظين والمعترضين أعلى صوتاً ونفوذاً ؛ تجمّد تنفيذ هذا القرار ودخل غرفة الموت السريري ، ويُقال أنه خروجاً من نطاق هذا القرار واحتيالاً عليه ؛ قامت بعض الفنادق آنذاك بترقية نفسها من فنادق النجمة والنجمتين لتكون من فئة الثلاث نجوم ، فلايشملها بعدئذ القرار المذكور !!
في نهاية الأسبوع الماضي ، أعاد التاريخ نفسه ، من حيث القرار وردة الفعل تجاهه . حيث أصدرت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة قراراً يحمل رقم (5) لسنة 2014م ، بمضمون مماثل للقرار السابق الصادر قبل خمس سنوات ، في عام 2009 الذي يقضي بمنع بيع وتقديم المشروبات الكحولية ووقف استقدام الفنانين والفنانات ووقف العمل برخص مرافق الديسكو والمناهل و( البارات) وصالات تقديم العروض الفنية العربية والأجنبية ، والفرق بين القرارين هو أن القرار الأخير هذه المرّة يخص فنادق فئة الثلاث نجوم .
كل الخوف أن تكون مواجهة القرار الجديد 2014 شبيهة بالمواجهة التي جرت للقرار السابق في عام 2009 ، أي ينتفض ضدّه من تعرفونهم ، فيُسمع لهم ويُجمّد القرار أو يُذبح سريرياً ، وفي الجهة الأخرى تترقى فنادق الدرجة الثالثة إلى الدرجة الرابعة فتخرج حينئذ عن نطاق تطبيق القرار الجديد مثلما خرجت فنادق النجمة والنجمتين من نطاق تطبيق القرار السابق الخاص بهما عام 2009 م . ويكون الأمر ( كأنك يازيد ماغزيت ) !!
في الحقيقة ؛ تواصل معي كثرة من القراء الكرام ، يطلبون تأييد ودعم هذا القرار الجديد في قبِال حملة الرفض والتحفظ ، ورغم خوفي بأن المساحات الواسعة لتعدد الآراء وحرية التعبير قد تضيق ولاتتسع لدعم وتشجيع هذا القرار ومضامينه ، إلاّ أني أكتب موضوعي هذا استجابة لهؤلاء الذين تواصلوا معي ، من الغيارى الخائفين على مصير تنفيذ هذا القرار ، وقبل ذلك أكتبه إبراء لذمتي أمام المولى عز وجل الذي نسأله سبحانه وتعالى أن يكتب لهذا القرار الحياة والصمود وطول العمر ، وأن يمنع عنه التراجع والتجميد وكذلك صنوف الترقية والاحتيال .
سانحة :
بحسب المنطق والعقل فإن التجريم والمنع يجب أن يختص بالفعل وليس على مكان ممارسته ، ولذلك فإنها لمفارقة أن يكون الفعل ذاته محرّما وممنوعاً في فنادق معينة لكنه مباحاً في فنادق أخرى ! وعلى العموم نذكّر الجميع للانصياع لنداء ربّ العالمين في قرآنه العظيم ” ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ” .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s