من أفضل الأعمال التي يمكن أن يتابعها المرء وينحني لها شكراً وتقديراً ، ويرفع لها ( العقال ) أو ( القبعة ) ابتهاجاً واعتزازاً بها ؛ هي تلك الحملات والمبادرات التي باتت سمة بارزة لدى كثرة من الشباب والشابات ، يخدمون بواسطتها وطنهم ومجتمعهم وأهلهم ، بعضها بأفكار ومهارات لاينقصها الإبداع مثلما هي يزينها الإخلاص والتجرّد لأهداف سامية تصبّ في مجملها خدمة في الصالح العام ونهوضاً بالمجتمع .
الحماس والبساطة عناوين بارزة في تلك المبادرات والإبداعات في العمل التطوّعي الذي يخترعه هؤلاء الشباب والشابات وينخرطون فيه ، وتتعدّد مجالاته وأشكاله مما نرى بعضه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أو مما نراه ونعاينه في أوساطنا . فكم من حملات تبرع ( بسيطة ) تطلب مبالغ زهيدة تتراوح حتى مابين (50-100) فلس لعلاج مرضى أو إطعام جوعى أو شراء مكيفات ومستلزمات مساجد أو كراسي متحركة أو بطانيات أو مصاحف أو ما شابه ذلك ، تعِب عليها أصحابها وبذلوا الكثير من أوقاتهم وجهدهم ؛ طلعت نتائجها وبوركت ثمراتها وآتت عطاءها ربما من غير حتى معرفة أشخاصها والقائمين عليها .
ومن تلك المبادرات التي نسجّل لها هنا اليوم بالغ الامتنان وأن نذكر بكل الفخر والاعتزاز ، هي الحملة التي يُطلق عليها ( نوري اكتمل ) والتي يُحتفى مساء اليوم بتكريم أو إعلان منتجها للسنة الرابعة على التوالي حيث صانعو هذا المنتج والقائمون عليه لايكلّون ولايسئمون ، ولا يتحصلون من ورائه أية أرباح سوى مرضاة المولى عز وجل التي هي أعظم الأرباح وأكبر ما يمكن أن يسعى لها الإنسان المسلم .
( نوري اكتمل ) مشروع أو حملة تهدف إلى حثّ الفتيات والنساء وإقناعهن بالالتزام بالحجاب الشرعي الذي فرضه المولى عز وجل على المرأة كزينة وصيانة وحماية لها ، إقناعهن عن رضا وقناعة والتزام بهدي الإسلام وابتغاء مرضاة المولى عز وجل واحتساب الأجر والثواب على التزامهن به ضمن بقية الطاعات والأعمال الصالحة التي نحتاجها لإعمار دنيانا وآخرتنا.
بلغ حصاد هذه الحملة المباركة مئات من الفتيات والنساء اللاتي وفقهن سبحانه وتعالى لأن يرتدين الحجاب الذي أصبح اليوم له منزلة لاتتعلق بكونه فقط فريضة ربانية وإنما أيضاً أصبح رمزاً لتنامي الصحوة الإسلامية وعنواناً مقلقاً ومزعجاً لأعداء الدين الإسلامي ، بل وهاجساً مؤرقاً في الغرب يعبّر عن انتشار المدّ الإسلامي في تلك البلدان ، فعمدوا إلى التضييق على ارتدائه – الحجاب – وحاربوه ومنعوه ، بل وتنازلوا عن مفاهيم كانوا يروجونها باسم الحرية الشخصية ، لم يستطيعوا الصمود لإثباتها أمام حربهم لهذا الحجاب .
مايدعونا للإعجاب والافتخار بهذه الحملة أيضاً ، أمران : أولهما : أنها تجري على خلاف مايقوم به البعض من رغبة في ترويج التفسخ والفاحشة والانحلال ممن توعدهم رب العالمين في قوله تعالى “إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون “. وثانيهما : أنه بالرغم من شعبية هذه الحملة ونجاحها إلاّ أن أصحابها والقائمين عليها آثروا العمل في صمت وفضلوا الابتعاد عن الأضواء حتى يكون إنجازهم ابتغاء لوجه الله ومبرءا من أية أغراض أخرى مما ترون وتقرأون عن بعضهم بات يبحث عن أي إنجاز هنا أو هناك حتى يظهر اسمه وصورته بجانبه .
ألف شكر وتحية لحملة ( نوري اكتمل ) ومثلها لكل المبادرات والحملات الشبابية ، على تنوّع مجالاتها ومناحيها ، فهي صارت قلب نابض في المجتمع البحريني .
سانحة :
قال العلامة الشيخ محمد متولى الشعراوي رحمه الله : إن لم تستطع قول الحق فلاتصفّق للباطل .