في خضم موجة أو ( موضة ) الهجوم على الإسلاميين والتحريض ضدهم والعمل على مضايقتهم – ربما – حتى في أرزاقهم ووظائفهم ، وشن حملات تشنيع على سالفة الانتماء للتيارات الإسلامية ستزيد مع اقتراب المارثون الانتخابي ، وفي ظل ركوب أصحاب العداوات الفكرية والمنهجية والحسابات الشخصية هذه الموجة واستغلالها في تصفياتهم و( ثاراتهم ) ، سواء بأنفسهم أو عن طريق مأجورين بالنيابة عنهم ، وازدياد حدة النيل والتشويه والإيذاء ضد من لديه فكراً إسلامياً في عقله أو يلتزم بمظهر شرعي في شكله ولباسه أو يحمل هماًّ للدعوة والإرشاد أو يراعي في شخصه وأخلاقه وأهله وأبنائه السمت الإسلامي امتثالاً لأوامر المولى عزوجل ، واقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلّم أو من يتعاطف ويتفاعل مع الجروح النازفة للدم المسلم . وفي ظل ممارسة آخرين ( ذوي أصوات عالية ) ضغوطات وادعاءات مظلومية وتمييز يتهمون فيها هذه التيارات الإسلامية ، ويجري تصديقها والرضوخ لابتزازاتها.
في ظل كل ذلك وأكثر، وبسبب الخوف من تصنيفهم ضمن هذه التيارات ، أو لصقهم عنوة بجماعات وتنظيمات أخرى ، إرهابية ومنحرفة ، فيُصار إلى إيذائهم ومضايقتهم والإساءة إليهم ؛ فإن البعض صار يتخفف من هذا الانتماء ويتخوف من عواقبه ويخشى تصنيفه أو ( اتهامه ) به ، وفي سبيل ذلك فإنه – البعض – يؤثر السلامة حفظاً لنفسه ورزقه وأهله خاصة في ظل أن هذه التيارات أو عموم أهل السنة والجماعة يعانون – أصلاً – من حالة ضعف وخوار وفرقة وتهميش ، وغارقون في أشياء تزيد ضعفهم ولاتقويهم . وبالتالي من يُساء إليه منهم أو يُمنع- مثلاً – من خطابة أو كتابة أو من يوضع في محال ( كبش فداء ) فإنه سيبقى في وضعه وحيداً دون شك .
والمؤسف أن البعض – ربما هم عاديون أو منتمون – صار لايبتعد عن هذا الانتماء أو يتبرأ منه فحسب ، وإنما قد يعمد إلى ترك قيم وفضائل كانت أساسية في حياته ، وترك أخلاق وملامح كانت في عاداته ، وتنازل عن مباديء لايتوقع معارفه مجرد تخليه أو انصرافه أو ( انبطاحه ) عنها ، والأسوأ أن هنالك من يترك أمورعلى طريقة ( ثم حلقت لحيتي ) أو ( ثم خلعت حجابي أو عمامتي ) والخوف أن يطلع علينا من يقول ( ثم تركت صلاتي أو صيامي ) . بعض هؤلاء– ربما هم عاديون أو منتمون – خوفاً من هذه الحملة الظالمة وتداعياتها يمكنه أن يسبّ أو يهاجم هذه التيارات الإسلامية ويصفها بما هو مقتنع بأنه ليس فيها ، وبالرغم – كذلك – من أن أهله أو أنسابه أو حتى أبنائه من أتباع هذه التيارات وقواعدها !!
أدرك تماماً أن مثل هذه الحالات قليلة ونادرة جداً جداً ، لأن التمسّك بتعاليم الإسلام وشعائره ومبادئه وقيمه وفضائله أكبر من أن يحددها أو يلغيها انتماء هنا أو هناك ، ولأن أبناء الصحوة الإسلامية يتزايدون ، ولأن العائدون – كذلك – إلى الالتزام الديني يتضاعفون لاسيما في أوساط الشباب والشابات ، ليس في بلادنا فحسب وإنما هو تدبير وفتح رباني لايمكن أن تخطئه العين الثاقبة ، سواء في مشارق الدنيا أو مغاربها .
وعلى العموم أقول لمثل هذه الحالات أو من يفكرون – سواء هم عاديين أو منتمين – على طريقتها ، طريقة ( ثم حلقت لحيتي أو خلعت حجابي ) أو تنكرت لصحيح مبادئي أو تخففت من التزاماتي الشرعية في شخصيتي أو أهلي أو أبنائي أو رأيي وتوجهاتي أو ماشابه ذلك ؛ أقول إن الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حينما قدِم إلى استلام مفاتيح بيت المقدس ، كان على جمل أورق ، ليس عليه قلنسوة ولاعمامة ، تصطفق رجلاه بين شعبتي الرحل بلا ركاب، وطاؤه كساء انبجاني ذو صوف هو وطاؤه إذا ركب، وفراشه إذا نزل، فقال له الجلومس ( كبير البطاركة ) : أنت ملك العرب وهذه بلاد لا تصلح بها الإبل، فلو لبست شيئاً غير هذا وركبت برذوناً لكان ذلك أعظم في أعين الروم. فقال له الفاروق ” نحن قوم أعزّنا الله بالإسلام ، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله “.