يرتكب الأمريكان من المجازر في شتى بلدان العروبة والإسلام مايندى له الجبين وصار في عدد منها معالم بارزة على فظاعة ووحشية هذا ( الكابوي ) الذي انفلت زمامه في دول مثل أفغانستان والعراق والصومال وليبيا والسودان واليمن وغيرها ، وحوّل بعض أراضيها إلى خرائب وجعلها أثراً بعدما كانت عين ، ودكّت مدمراته قرى ومدن بأكملها على ساكنيها ، وشرّدت طائراته وراجماته وصواريخه الآلاف إلى الفيافي والجبال والأصقاع .
السجل الوحشي لهذا ( الكابوي ) لم يقف عند حدود القتل بلا حساب وإنما امتد ليمسّ كل ماله علاقة بالاعتداء على حق الحياة واستباحة الدماء وهتك الأعراض وهدر الكرامة الإنسانية إلى الحد الذي جرّأ بعض جنوده التبوّل – أعزكم الله – على المسجونين في معتقلات العراق الذين لاتقل طرق تعذيبهم عن المغيبين وراء الشمس في غياهب غوانتنامو ، ليلهم كما نهارهم ، بلامحاكمات ولااتهامات .
استرخاص الدم المسلم جعل بإمكانهم عند استهداف شخص واحد أن يقتلوا المئات قصفاً أو حرقاً أو دكّاً ، إذ لاقيمة عندهم لهذه الأرواح التي تُزهق بلاهوادة ، وتُذبح بدم بارد ، كلّهم هباء ، ولايرون فينا إلاّ أننا غير مستحقي الحياة .
وأما الصهاينة ؛ فهم لايقلّون سوءاً ودموية ، هم الآن يقصفون قطاع غزة ويرتكبون أروع المذابح وأشدّها في تاريخ البشرية ، يقصفون المنازل وأهلها نيام ، فلايبقون بينهم أحياء ، وتنطلق نداءات العالم للسماح بانتشال الجثث والأشلاء ، رائحة الدم ومناظر القتل أصبحت معتادة ومألوفة من هؤلاء السفاحين وأمثالهم كّثر ، يُنحرون بكل أدوا الفتك ، قنابل وصورايخ ، بل وبراميل متفجرة .
أعداد الساقطين قتلى والمنضمين لقوافل الشهداء الأبرار أكبر من أن تُحصى ، ذبحهم يُرى ؛ ليس على قنوات ( اليوتيوب ) فقط وإنما يتم بثّه على الفضائيات العالمية دون مواراة ، من هؤلاء نساء ورجال وأطفال ، فيهم الأطباء والمهندسين والمحاسبين والمحامين ، ومنهم أيضاً الصحفيين وغيرهم من أبناء العروبة والإسلام الذين تذهب دماءهم وأرواحهم سدى ، وبهدوء وسكون .
وبينما الأمر على هذا الحال ، القتل والدمار اليومي للأرواح المسلمة ؛ يهتز العالم فجأة ، رؤساء دول ورؤساء وزارات والأمم المتحدة ووزارات خارجية ومتحدثين وناطقين رسميين في كل دول العالم – بما فيهم العرب – يُصابون بالهلع ويدخلون ما يشبه صراع أو تنافس على إعلان استعداد لتقديم خدمات وتسهيلات أو على إدانة واستنكار للجريمة البشعة المتمثلة في ذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي على أيدي قوات داعش .
في غزة وحدها تجاوز عدد شهدائها حتى الآن حاجز الـ (2000) ممن قضوا نحبهم وتناثرت أشلاءهم ودماءهم تحت الأنقاض والأشلاء من دون أن تثور لهم ثائرة أحد ، ومن غير أن يظهر الرئيس أوباما يدعو الشعوب والحكومات في الشرق الأوسط لاستئصال داعش ، ومن غير أن يقطع ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني إجازته ليدين هذا العمل الوحشي (مقتل جيمس فولي ) . حتى أمين عام الأمم المتحدة حرص أن يقدم تعازيه لعائلة وأصدقاء وزملاء جيمس فولي، مشددا على ضرورة تقديم مرتكبي تلك الأعمال المروعة إلى العدالة.
بالأمس أعلن مجلس الأمن أن مقتل جيمس فولي جريمة شريرة لكنه سكت عن قتل أكثر من (70) مسلماً في مسجد ديالي بالعراق على أيدي الغدر والبطش من الحوالش ، وانظروا مقتل واحد يُعدّ جريمة بينما اغتيال (70) لايحسبها مجلس المجتمع الدولي جريمة أو حتى لاينظر فيها !! سانحة :
في الدول الغربية أو الدول التي تحترم مواطنيها ؛ يولون للإنسان فيها قيمة حقيقية وأهمية بالغة ، وتكون حياته وحريته وحقوقه وسائر مكتسباته خطوطاً حمراء ، غير قابلة للتفريط فيها أو الإساءة إليها ، وذلك على عكس ماترون وتسمعون عن المواطنة في بلداننا العربية والإسلامية .