منذ أن أصدرت – مشكورة – وزارة الثقافة قبل حوالي شهر واحد قرارها رقم (5) لسنة 2014م ، الذي يقضي بمنع بيع وتقديم المشروبات الكحولية ووقف استقدام الفنانين والفنانات ووقف العمل برخص مرافق الديسكو والمناهل و( البارات) وصالات تقديم العروض الفنية العربية والأجنبية في فنادق فئة الثلاث نجوم ؛ ظهرت علينا مصطلحات جديدة وصيحات غريبة وغامضة المقصد مثل التراجع عن الانفتاح أو ( غلق البلد ) أو التباكي على الحريات الشخصية ، والأكثر استخداماً وشيوعاً هو خسائر القطاع الفندقي وهروب المستثمرين أو تخريب الاقتصاد وتدهور السياحة أو نحوها من عبارات تخويفية ومقلقة ، وذلك كله من دون أن يعرف قارئها أو سامعها للوهلة الأولى سبب تزايد طرحها في هذه الأيام ومدى صدقيّتها خاصة في ظل أن الأرقام والإحصائيات الصادرة عن الجهات الرسمية تؤكد أن أعداد الزوّار والسياح تشهد زيادة وليست نقصان !! فضلاً عن أن المواطنين والمقيمين يلمسون حجم التدفق الخليجي على المجمعات خاصة أيام العطل الأسبوعية وعدم حدوث أي تغيير فيه .
من يتابع تزايد استخدام هذه المصطلحات – خسائر وتدهور وهروب مستثمرين وانغلاق و… إلخ – هذه الأيام سيُخيّل إليه إننا قادمون على سنوات عجاف صعاب ، يجفّ خلالها الضرع ، ويتضاعف العجز ، وتتزايد الديون ، ويتكاثر الفقر ، ويتفاقم العوز، وتهجرنا البنوك والشركات والمصانع ، ويهجرنا أو يصدّ عن بلدنا المستثمرون ، وأن الرفاهية والترف التي كانت تحققها لنا تلك الفنادق سننساها ، وأن الوفورات المالية التي كنّا نجنيها من هذه الفنادق ستفارقنا!! وأن العوائد التي كنّا ننعم بها ونتقلّب فيها بسبب ماتدرّه علينا هذه الفنادق ستتغيّر علينا ، وأن الأيام الجميلة التي عشناها سنودعها !!
ولكن لماذا نسمي الأشياء بغير أسمائها ؟ بمعنى ماهي الحالة التي يجب أن تكون عليها البحرين حتى نبعد عنها تلك الخسائر المزعومة ونوقف تصريحات وصرخات هؤلاء المستثمرين عن خسائرهم وبكائهم عن الأضرار؟ وما هو هذا الأمر الذي يجعل البحرين مفتوحة وجاذبة للاستثمار والسياح حسب تعبير بعضهم ؟! وماهي الحريات الشخصية التي يُراد لها أن تبقى ولا تُمس ؟ أتمنى الإفصاح عن المقاصد لولا أن هذه المقاصد مما قد لايليق البوْح بها ، ولو كانت غير ذلك لأمكن الإعلان عنها بـ ( الفم المليان) من دون مواراة أو حاجة لاستخدام مصطلحات بديلة أخرى .
ومادام هنالك حرج من الإعلان عن مقاصد هذه المصطلحات – خسائر وتدهور وهروب مستثمرين وانغلاق و… إلخ – أو ما يُراد من ورائها فإنه لا بأس من عدم توضيحها رغم أن هذه المقاصد معروفة ولم تعد سرّاً لأنها تتعلق باختصار بالبـارات والمواخير و( الديسكوات ) والملاهي الليلية ، وممارسات للرذيلة والدعارة والفجور ، وأن كل هذه الصيحات والتصريحات إنما تدعو لأن تتنازل وزارة الثقافة عن قرارها وتسمح بعودة هذه الفنادق في الاستثمار في الابتذال والخمور والمجون والممارسات المشينة والمسيئة مما هي في حقيقتها مصدر دخل يسترزق به هؤلاء ( المستثمرين ) على حساب الفضيلة وعلى حساب سمعة البحرين ، وقبل ذلك بالمخالفة للدين والدستور ، ومن دون أن يكون لها أي مردود حقيقي وفعلي إلاّ على أمثال تلك العصابات و( المافيات ) التي باعت البلد وجعلت منها مكبّاً لمثل هذه القاذورات على مدار سنوات سابقة ، أعتقد أنه آن الأوان لاستئصال شأفتها والوقوف في وجهها ، وتذكيرهم ، وتذكير الدولة بأن المولى عز وجل قد قرّر ووعد في محكم التنزيل ، ولارادّ لقضائه وحكمه ، حيث قال تعالى : ” ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ” والبركة في اللغة تعني الزيادة والنماء ، والبركة في المال هي زيادته وكثرته ، وفي الدار فساحتها وسكينتها ، وفي الطعام وفرته وحسنه ، وفي العيال كثرتهم وحسن أخلاقهم ، وفي الصحة تمامها وكمالها ، وفي العمر طوله وحسن العمل فيه . فلماذا لانستجلب أسباب هذه البركة بالأمن مع الله سبحانه وتعالى ، وقد جرّبنا أحوالنا طوال السنوات الماضية في ظل وجود سياحة الدعارة والخمور فما زادت مشكلاتنا وأحوالنا ومعيشتنا وأزماتنا وأمننا إلاّ سوءاً. لابد من تأييد الدولة في قراراتها الحكيمة في هذا الشأن وندعوها لاتخاذ المزيد نحو نظافة البلد من هذا السمّ الزعاف ، وألاّ تخضع لابتزاز من تغوّلت أملاكهم و( كروشهم ) من هذا المال الحرام ..
سانحة :
قال تعالى : ” إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ، والله يعلم وأنتم لاتعلمون “
صدقت أيها الكاتب الكبير. فمن الآفات التي يعاني منها العالم العربي التهويل وتضخيم الأمور على حساب الحقيقة، من أجل تحقيق مصالح شخصية حتى لو كان ذلك على خساب المصلحة العليا للوطن.. تمنياتي لك بدوام التوفيق والرأي السديد
صدقت أيها الكاتب الكبير. فمن الآفات التي يعاني منها العالم العربي التهويل وتضخيم الأمور على حساب الحقيقة، من أجل تحقيق مصالح شخصية حتى لو كان ذلك على خساب المصلحة العليا للوطن.. تمنياتي لك بدوام التوفيق والرأي السديد
إعجابإعجاب