رغم أنه لايوجد حتى الآن أي إعلان رسمي عن الانتخابات النيابية والبلدية ، ولم يجر فتح باب الترشيح حتى الآن ؛ إلاّ أن هناك حالة من الركض – ربما غير المسبوقة – إلى إعلان الترشح لتلك الانتخابات ، ولايكاد يمرّ يوم من دون أن تتوارد على الأسماع والأبصار أسماء كثيرة ترغب في ترشيح نفسها وتجربة قبولها في الاستحقاق الانتخابي القادم . وذلك بصورة قد تنبيء بأن أعداد المترشحين في هذه المرّة سيكون كبيراً وضخماً ، وسيمثل اختيار الصالح والأكفأ عبئاً غير يسير على الناخبين الذين لايستطيع أحد أن ينكر أن حركتهم وتفاعلهم مع الاستحقاق الانتخابي القادم هي حتى الآن أقل بكثير من حماس واندفاع المترشحين .
والخوف أن يكون هذا التكالب والتزايد على الترشح من أجل تصدّر المشهد النيابي أو البلدي سبباً آخر يُضاف لأسباب الفتور وعدم التفاعل لدى الناخبين ، خاصة إن لم يروا في هذه الأسماء المترشحة ما يستقطبهم أو يلفت انتباههم إلى أن هنالك نوعيات وكفاءات وخبرات مختلفة عما سبق ، ونوعيات جادة وصادقة تستحق عناء أن ينفض الكسل والغبار عن الذاهبين إلى صناديق الاقتراع لإعادة بناء تمثيلهم نيابياً وبلدياً بما يتوافق مع التغيرات الواسعة في الوعي الجمعي ، وتتواكب أطروحاتهم وبياناتهم وبرامجهم مع آمال وطموحات الناس في تحقيق العيش الكريم وتوفير السكن الملائم ونشر الأمان والاستقرار ، من دون مزايدات أو مهاترات أحسب أن واقعنا الحالي تجاوزها أو بات يدرك ملامحها وأصحابها .
في اعتقادي أن ساحة الانتخابات مفتوحة للجميع ، والمنافسة متاحة ، ولكن المطلوب عدم الاستمرار في تسطيح الوعي أو ( تسذيجه ) وألا يتقدّم لهذا السباق إلاّ من يعرف أن البحرين اليوم تختلف عن السابق ، ومن يريد ارتقاء مهمة تمثيل البحرينيين عليه ألايستصغر عقولهم وأفهامهم ، وعليه ألا يسترخص أصواتهم وذممهم . إن مستقبل البلاد يستلزم أن تتناغم سلطاته التنفيذية والتشريعية مع معايير الكفاءة والقدرة والخبرة والمؤهلات العلمية ( الحقيقية ). وقوام كل ذلك اختصره القرآن الكريم في أهم صفتين لتولي الأعمال ، وهما القوّة والأمانة ، حيث قال تعالى : ” إن خير من استأجرت القوي الأمين” .