راصد

الفرق بين انفراج ولا انفراج

لم يعد خافياً أن حال صحافتنا أصبح لايسرّ الخاطر ، فما بين استقطاب طائفي وتزايد خطوط حمراء صارت تضيق المساحات الواسعة لحريتها وتعدد الآراء فيها ، وظهور نغمات جديدة وغريبة تنادي بصحافة التطبيل والتمصلح ، وتعتبر النقد تحريضاً ضد الدولة . مابين كل ذلك ، بالإضافة إلى غياب أو ضعف الحماية الإدارية والقانونية أو عدم وضوحهما ، بالإضافة كذلك إلى استئثار وسائل التواصل الإلكتروني على اهتمامات الجمهور عموماً بصورة بدا واضحاً معها أفول وهج الصحافة وقلة الاهتمام بها . لكل ذلك وأكثر مما قد لايسمح به المقام ؛ أصبحت الحالة الصحفية لاتسرّ الخاطر .

وتبعاً لذلك ، ومما لايسرّ الخاطر أيضاً ، ويكدّر صفاء الممارسة الصحفية ويسيء إليها هو أن يجري تناول الخبر أو الحادث نفسه في عدة صحف لكن كل صحيفة تكتبه بصيغ مختلفة وربما متناقضة ، تصل من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال تضيع خلاله المعلومة الصحيحة التي ينشدها القراء ويتطلعون لها ، لالشيء سوى أن بعض من يصدرون الصحف صاروا يرون صحافتهم حقاً وملكاً مطلقاً لهم ومقصوراً عليهم ، يفعلون ويكتبون مايشاؤون وفقاً لتوجهاتهم أو حتى أمنياتهم ، لايبالون بأن تضيع أو ( تتبهدل ) المعلومة الصحيحة .

الأمثلة على ذلك ليست قليلة حيث أن أكثر التقارير التي تصدر من ( دكاكين ) الخارج يجري عرضها أو عرض عناوينها بصور : مع أو ضد ، ينتج معها أن المعلومة الحقيقية صارت في طي الضياع أو التضليل ..
غير أنه من أكثر الأمثلة المحزنة على هذه الممارسة هو ما جرى تناوله يوم الأحد الماضي في صحافتنا حيث كان عموم المواطنين المخلصين والغيورين على وطنهم وعلى وحدة دول مجلس التعاون الخليجي ويأملون تجاوز خلافاته ، وينتظرون أخبار ونتائج الاجتماع الوزاري لدوله المنعقد لهذا الخصوص مساء يوم السبت ؛ تظهر صحيفة أخبار الخليج في صفحتها الأولى بعنوانها الرئيس ” انفراج في الأزمة مع قطر ” بينما تظهر صحيفة الوسط في صفحتها الأولى أيضاً بعنوان رئيسي ” لا انفراج في الأزمة مع قطر “. لا أحتاج إلى التعليق أكثر ، ويمكن للقراء الكرام أن يرجعوا للعدد الصادر من الصحيفتين يوم الأحد الماضي 31 أغسطس 2014م ليتعرفوا على ما ذكرته في البداية بأن البعض يمكنه أن يصيغ المعلومة الواحدة من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال ، وفقاً لرغبته أو مايتمناه .
سانحة :
يقول الأديب الانجليزي فريدريك لينغبرج: ” نظر شخصان عبر نافذة واحدة ، أحدهما رأى الوحل والآخر شاهد النجوم “.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s