دأب سكان منطقة بينيوك التي تبعد نحو 647 كلم شمال غرب العاصمة الروسية موسكو في أواخر عام 1996 على الحديث عن وحش يسكن إحدى البحيرات القريبة طيلة 150 سنة ماضية .
وحسب رواياتهم فذلك الوحش – الذي سمي فيما بعد وحش البحيرة بروسني – هو كائن مائي ضخم يعيش في قاع بحيرة بروسنو وقلما يصعد إلى سطح البحيرة. و في إحدى الحوادث التي وقعت عام 1996 قامت عائلة من السياح كانت تخيم قرب البحيرة بالتقاط صورة فوتوغرافية وذلك بعدما أخذ أحد أطفال الأسرة بالصراخ وهو يقول إنه شاهد وحشاً على هيئة تنين يسبح في البحيرة ، و قامت جريدة كارافان الصادرة في منطقة ( تفير) – أكبر تجمع للسكان في الجوار- بنشر الصورة التي التقطتها الأسرة، وظهر فيها منظر شامل لسطح البحيرة، وفي مقدمة المنظر جسم غير محدد المعالم يطفو على سطحها. وكان أن انتشرت هذه الصورة بعدما تداولتها معظم وسائل الإعلام الروسية. وقد أصبحت البحيرة مقصدا يأمه الفضوليون من كل مكان أملا منهم في إلقاء نظرة على ذلك الوحش المزعوم . وحسبما يقوله السكان المحليون فهناك الكثير من التقارير المدونة التي تذكر مشاهدات لهذا المخلوق في بروسني منها ما يرجع إلى سنة 1845 م .
ولكن التقاليد المحكية – غير المكتوبة – تأتي على ذكر الوحش في أزمنة أبعد من ذلك التاريخ بكثير ، وأما رأي علماء الحيوان الروس في الموضوع فهو أن الصورة الملتقطة – وهي الدليل المادي الوحيد- لا تعدو كونها صورة لقطعة خشب ضخمة طافية فوق الماء وأن الوحش ليس إلا مجرد أسطورة شعبية لا غير!! وبالتأكيد لم تكن تلك الحادثة أول المشاهدات لمثل هذا الكائن في القرن العشرين فهناك وحش نيس لوخ الذي ظهر في إحدى البحيرات الاسكتلندية ، ولاتختلف تفاصيل قصته عن وحش بحيرة بروسني الروسية ، وبالطبع لن تكون هذه الحوادث آخرها .
في عالم الإنسان كما في عالم الحيوان ؛ تظهر لنا بين حين وآخر شخوص أو مؤسسات أو جماعات بالضبط هي في مواصفات وحوش البحيرات التي لا يحلو لها السباحة إلا في أوساط الهدوء والاستقرار ، لتحيل سكون المياه الراكدة إلى أمواج عاتية ، وتستقطب الأضواء وآلات التصوير ، وقد تحشد حولها كثرة من الفضوليين الذين تســتهويهم مناظر الوحوش الكاسرة ، خاصـــة تلك التي لا ترى في دنيا الناس إلا غالب ومغلوب ، ولا يشـبع جوعتها إلا افتراس اللحــوم الحية ، تماماً كما هو حال العيش في الغابــات والمراعي غير الآمنة . هذه الوحوش ؛ الحق هو ما لديها والباطل ديـــدن غيرها ، غيرها صانع للمشــاكل وســبب لها ، وحمَــال الأســـيَة فيها ، بينـما هـو أو هم إنما أحمال وديعة بيدها الفوانيس السحرية واللمسات الناعمة وأيادي الإنقاذ الحانية التي تفزع للإنسانية وتؤلمها مناظر القتل والنحر وتتفطر حزناً على مختلف الانتهاكات وتتولى إجادة تمثيل مشاهد الخوف وأحاسيس القلق على المستقبل والأمن رغم أن الجميع يعرف إنما تلك مسرحيات ممجوجة تُستخدم أو تُستجلب لها قطع خشب ضخمة تطفو فوق الماء يجري تصويرها والتخويف منها كما هو حال وحش بحيرة بروسني لا غير من أجل تحقيق أهداف أخرى لاعلاقة إطلاقاً بالقضاء على الوحوش أو الألواح التي جعلتها طافية!!
سانحة :
جرت سنن الكون أنه من أعان ظالماً ذلّ على يده .