نافذة الجمعة

الفرق بين “ستيفن سوتلوف”ومحمد أبوخضير

 ابتداء ؛ ليس من المسلمين من يطرب لسفك الدماء ، أو يأنس بترويع الآمنين ، أو يفرح بالاعتداء على حق الحياة ، أو يتلذذ حين تتهدم جدران المنازل والمجمعات والقرى والمدن السكنية فوق رؤوس أهلها وساكنيها ، أيّاً كانت دياناتهم ومذاهبهم فذلك مما يجب أن يُنكر ويُرفض ويشجب ليس من باب مخالفته للفطرة البشرية السوية فحسب بل بالنسبة للمسلمين فإنه ليس معقولاً أن يكون دينهم الإسلامي العظيم ، دين الشمول والعالمية ، ودين التسامح والرحمة ؛ لايحفظ لغير المسلمين دماؤهم وحقوقهم وأعراضهم وأموالهم، ويعطيهم الأمان والطمأنينة للعيش آمنين في ديار المسلمين

وهذا الإطار الأخلاقي والقيمي لايخص المسلمين فقط وإنما هي حق إنساني وشريعة عامة تشمل البشر باختلاف مللهم ونحلهم ، يتساوون في حفظ أرواحهم ودماءهم وتوفير الأمن والأمان لهم ، أو هكذا يُفترض لولا أن في زماننا هذا تم استرخاص دماء المسلمين بصورة غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية ، بل صار من موجبات الحيرة والاستغراب أنه حتى العالم العربي والإسلامي صار من الممكن أن ( يفزع) لمقتل الأعاجم من شتى أصقاع العالم ( فزعة ) لايقوم بمثلها لو كان القتيل من عالمه العربي والإسلامي .

فهاهو الطفل الفلسطيني محمد أبوخضير الذي اختطفته عصابة من المستوطنين الصهاينة من أمام بيته ، في وضح النهار ، حيث قاموا بتعذيبه بصورة وحشية وقتله والتمثيل بجثته ، ولم يكتفوا بذلك وإنما قاموا أيضاً بحرقه ورميه . القتلة صوروا أجزاء كبيرة من جريمتهم ، وظهروا في تلك الصور بهوياتهم وشخوصهم ووجوههم ( غير ملثمين ) ومعهم ضحيتهم الشهيد محمد أبو خضير في مشهد أو تسجيل مرئي لايقل فظاعة ووحشية عن التسجيل الذي ظهر فيه ملثم من ( داعش ) وهو ينحر الصحفي الأمريكي “ستيفن سوتلوف”.

لايختلف التسجيلان في بشاعتهما وجرأتهما على الاعتداء على حق الحياة ، لايختلفان إطلاقاً سوى في ردود الفعل حيث أن تسجيل تعذيب وقتل محمد أبو خضير والتمثيل في جثته صمت العالم تجاهه وتجاهله ومضى أمره بينما تسجيل قتل “ستيفن سوتلوف” أقام الدنيا ولم يقعدها ، وجرى التنادي لإنشاء تحالف دولي للقصاص من قتلته والقضاء على إرهاب ( داعش ) .

هذه  التهمة ( الإرهاب ) التي لايجري توجيهها للبوذيين الذين يحرقون المسلمين وهم أحياء في بورما ، ولاتوجه للصهاينة الذين قتلوا في شهر واحد أكثر من (2000) شهيد فلسطيني ، ولاتوجّه للنصيريين الذين قتلوا الآلاف من أبناء الشعب السوري ، ولاتُوجه هذه التهمة لكثرة من المجرمين السفاكين ومصاصي الدماء  لالشيء سوى أن تهمة (الإرهاب) صارت ( ماركة ) مسجلة على وجه الحصر والقصر على المسلمين ، وبالذات من أصحاب المصب الرئيس للإسلام ، أهل السنّة والجماعة ، وأما غيرهم ؛ فيُقال لهم – بحسب شرعية الغاب – افعلوا واذبحوا ماشئتم ، وخرّبوا واقضوا على من شئتم من ديار المسلمين ، فإنه لاحساب ولاتثريب عليكم ، فأنتم بعيدون عن المساءلة والملاحقة والعقاب ..

سانحة :

      الوقاية خير من العلاج ، والقضاء على الأسباب مقدَم على بتر النتائج .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s