نافذة الجمعة

رؤيا عابرة عن خطبة الجمعة

 

رأيت فيما يرى النائم في نومه أنني دخلت أحد المساجد لأداء صلاة الجمعة ، فوجدت الخطيب قد اعتلى المنبر ، وبعد أن حمِد الله وأثنى عليه وصلى على المصطفى صلّى الله عليه وسلّم تطرّق إلى ضعف المجلس النيابي وعجزه عن تحسين الحالة المعيشية للمواطنين وعدم قيامه بأداء دوره في التشريع والرقابة بما يتواءم مع ظروف المرحلة الحالية ، ثم قام بتوجيه اللوم في ذلك إلى خيارات المواطنين . وواصل حديثه في هذا المجال ببعض الأمثلة والحوادث التي حصلت في المجلس مستشهداً بها على سوء أدائه .

بعد ذلك تحدّث عن التقسيمات الجديدة للدوائر الانتخابية ، شرح التغييرات الحاصلة فيها وبيان تأثيراتها ، واستعرض آراء الناس فيها مابين مؤيد ومعارض مبيناً وجهة نظر كلا الطرفين فيما يتعلق بالمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة ، ثم عدّد للمصلين المعايير والصفات التي يجب أن يستندوا عليها في اختياراتهم وتفضيلاتهم لمن سيعطونه أصواتهم وسيأتمنونه على تمثيلهم في البرلمان ، وذكر عدداً من المطالب التي يجب تنفيذها قبل الشروع في تلك الانتخابات .

وفي الأثناء كنت أتلفّت إلى وجوه المصلّين فرأيتهم مشدودين الانتباه ، يستمعون بكل اهتمام لخطبته التي طاف فيها شمالاً ويميناً في مسائل كثيرة تتعلق بمعايش الناس وقضاياهم الحيوية . من ذلك كلامه أيضاً عن مدى جدية تطبيق قرار منع الخمور وغلق البارات والمناهل في الفنادق بعد انتشار تسجيل مرئي لـ ( هوشه ) في أحد تلك المراقص نتج عنه جريمة قتل بشعة ، متهماً السلطات بتمييع تنفيذ هذا القرار الذي أسعد الغيورين والمخلصين في هذا الوطن .

تطرّق الخطيب أيضاً إلى موضوعات تتعلق بالفساد الأخلاقي والمالي داعياً إلى وقف الهدر في المال العام والتوجّه الجاد لحل الأزمة الإسكانية على أن يتم الشروع فوراً في فصل راتب الزوج عن الزوجة وعدم حرمان هذه الأسر من حق الانتفاع من الخدمات الإسكانية بسبب قرار دمج الراتبين . وبينما الخطيب يواصل كلامه عن التحالف الدولي لضرب مايسمى ( داعش ) وعجز العالم طوال الثلاث السنوات الماضية عن تشكيل تحالف شبيه لضرب من هو أخطر وأشدّ إجراماً من ( داعش ) مثل نظام الأسد وحوالشه وكذلك دولة الصهاينة ، بينما هو يتكلم في ذلك استمعت لصوت جرس فإذا هو صوت المنبّه يوقظني من النوم لأكتشف أن الخطبة التي استمعت إليها كانت مجرّد رؤيا عابرة أحسب أنه يندر الاستماع إلى مثلها في غالب جوامعنا التي تتميز خطبها بوجود بون شاسع بينها وبين تناول مسائل هي من صميم معايش الناس وقضاياهم ، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ما شابهها من القضايا والهموم المجتمعية التي لا نسمع لها ما تستحقه من ذكر أو ما يماثلها من على منابرنا يوم الجمعة ، كأنما خطبائنا غائبين أو مغيبين عنها في حين أنها موضوعات ربما يجري طرحها بصورة اعتيادية ، وبأكثر جرأة وحدّة على منابر الجمعة عند آخرين معنا في الوطن ، يرون في خطبة الجمعة أنها تمثل موقف وتشكل قرار وتوجّه ، يترقبونها وينتظرونها كل أسبوع ، فيما خطب الجمعة عندنا أصبحت مثل تحصيل حاصل . والصحيح أن منابرنا ومساجدنا إنما هي مراكز تثقيف وتعليم وتوعية لدين عُرف بشموليته لسائر مناحي الحياة ، صغيرها وكبيرها ، سياسيها واقتصاديها واجتماعيها و… إلخ . فلا يقيّد أو يضيق عليه أحد هذا الاتساع والشمول . وجمعة مباركة .

سانحة :

ما أن صدرت الأوامر والمراسيم الملكية بشأن الدوائر والمواعيد الانتخابية حتى ظهر لنا أحد الأدعياء من دولة خليجية شقيقة ينفث سمومه وشتائمه بصورة هستيرية ضد البحرين وقيادتها وناسها ، وذلك في ظل صمت وسكوت غريب عنه !

 

 

 

 

 

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s