لاتزال بعض الأطراف ، سواء شخصيات عامة أو مسؤولين يعتمدون – للأسف الشديد – في تسيير أعمالهم على النسخة القديمة من الإعلام ، تلك النسخة التي تعدّاها الزمن وتجاوزها قطار ( الميديا) الذي أصبحت معلوماته وبياناته وصوره وتسجيلاته تملأ الفضاء الواسع ، وصارت من حيث الوفرة والتنوّع مايجعل من النسخة القديمة للإعلام القائمة على اتخاذ أو تخصيص ( جوقة ) من المحللين والمستشارين والكتّاب والمغرّدين والمذيعين والمصوّرين وماشابههم ليقوموا بأعمال ومهام التطبيل والنفاق و( التبييض ) وتأدية أعمال بالنيابة عن تلك الأطراف في التضليل أو التوجيه أو حتى تصفية حسابات ؛ ما يجعل من تلك الممارسة نوعاً من السذاجة و( البلاهة ) التي تريد تحقير العقول ، وكذلك استصغار آثار الانتشار الواسع لأدوات ( الميديا) ووسائله .
والأسوأ أن تقوم تلك ( الجوقة ) بتعمية الرأي العام ، وقبله – ربما – تغطية عيون وأفهام الأطراف نفسها عن لبّ المشكلة حيث تحرف – هكذا يُصوّر لها – الرأي العام عن الجوهر وتُبقي الأطراف التي تقف وراءها على ملاحقة الهوامش والشكل بعيداً عن المضامين والعلاجات الحقيقية . وبعد ذلك ، وإزاء كثرة من المشكلات وصور التخلّف والتراجع الواضحة في واقع الناس ومعاشهم ، ويعانون منها الأمرّين ، سواء في الحاضر أو للمستقبل ؛ نسأل عن الأسباب الرئيسة ، فلا نجد لها في واقع الأمر سوى سوء البطانة التي اتخذتها تلك الأطراف – شخصيات عامة ومسؤولين – و( الجوقة ) البالية من المنافقين والطبالين والقابضين الذين زينوا لمن ورائهم النسخة القديمة من الإعلام . فضيعوا وأضاعوا .
ومن صور هذا الضياع أن بعض الكلمات مثل : حرية التعبير أو تعدد الآراء أو التنوّع أو احترام الرأي الآخر أو ماشابهها من ألفاظ ومدلولات كانت لها هيبة ومحل تقدير قبل أن تسير في الأنهار مياه آسنة فتجعل من تلك الكلمات فرصة للضحك والكوميديا الحزينة على المآلات الصعبة التي وصلت إليها تلك الألفاظ الجميلة ..
سانحة :
يموت الكبار والأغنياء من الناس فيكون ميراثهم المال والعقار ولكنهم في دنيا الناس وذاكرة المجتمع – ربما – هم أصفار في أصفار سرعان ماتتلاشى أشخاصهم وتغيب عن الأذهان معالمهم ، ويموت البسطاء من مثل عبدالوهاب الزياني فيجزع ويحزن لموته كثيرون – ربما – لم تربطهم به صلة مباشرة لكن حسن مآثره وتقواه وطيب معشره وسلوكه بين الناس وثناء الجميع عليه ، جعل ميراثه حينئذ واسعاً وذكره باقياً عند أهله وأحبابه ، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان .