قالوا في أصل هذه العبارة أنها بيت شعر ورد في مسرحية ” مجنون ليلى ” لأمير الشعراء أحمد شوقي ، وهو ضمن ثلاثة أبيات على هذا النحو :
ما الذي أضحك مني الظبيات العامرية
ألأني أنا شيعي وليلى أموية ؟
اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية !
وكانت على لسان شخصية من شخصيات المسرحية كان ” شيعيا ” وكان يحب ليلى ، وهو هنا يقول إن اختلاف المذهب أو الرأي لا يفسد قضية الحب بينه وبين ليلى . ثم مضت هذه العبارة ” اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ” كمثل أو حكمة سائدة في حياة الناس يُلجأ إليها ابتداء وانتهاء عند أي خلاف في الرأي والتوجهات بين الأشخاص ، الطبيعيين والاعتباريين .
كانت الديوانيات والمجالس وماشابهها تكتظ بحوارات ومناقشات ، وربما مناظرات بين أضداد ، تعلو فيها الأصوات ، وتشتط النفوس ، وتقسو العبارات ، تطلع فيها زلاّت وتسقط هفوات ، وتتردّد هنّات ، ومن يراقبها أو يستمع إليها يظن أن هذه الاختلافات لاتلاقي بعدها ، وأن هذه الشدّة في الطرح هي آخر العهد بين الطرفين المختلفين ، وقد يعتقد هذا المراقب والمستمع أن العلاقات قد انكسرت بينهما .
غير أن المفاجأة أنه في النهاية يخرج الطرفان والابتسامة تعلو محياهما ، يسلمان على بعضهما كأنما شيء لم يحدث ، ولديهما قناعة مؤكدة ومعمول بها وهي أن الاختلاف شيء والود والعلاقات بين الناس شيء آخر مختلف ، وأن سعة الصدور ومُقَل العيون تحمل وتحفظ مابين الناس من علاقات حب وودّ لاتتأثر بالاختلاف مهما تطوّر وتمدّد . وذلك على النقيض من يومنا هذا حيث أن أي اختلاف – صغُر أم كبُر – ضاقت عنه الصدور ، ولم تعدّ تتحمّله النفوس كما السابق ، صار من المعتاد أن ينتج عن تباين وجهات النظر واختلاف الرأي والتوجّه عداوات وقطع علاقات ، وتحين فرص للانتقام وتصفية حسابات ، وقد يمتد أثر هذا العداء ليدخل بين العائلات والأقارب في صورة لم نكن نعرفها في أيامنا السابقة الجميلة .
الاختلاف اليوم سقطت منه تلك العبارة التي كانت مألوفة ” اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ” وأصبح القمع والظلم والقهر وحتى القتل مخرجات مقبولة وغير مستنكرة يمكن ممارستها ضد المخالفين . ونتج عن ذلك أنه صار من الصعب أن يطرح المرء أي وجهات نظر يختلف فيها مع آخرين يصعب تقبلهم لها ، وسيكون قمعهم وانتقامهم ردّا متوقعاً على الاختلاف معهم .. رحم الله تلك العبارة الجميلة الموجودة في العنوان ..