دائماً ما تؤرقني بعض الأرقام حينما يجري نشرها في وسائل الإعلام المختلفة ، ثم يأتي الناس على ذكرها وكأنما هي أمرعادي لايثير خوفاً ولايستدعي قلقاً ولاتدق ناقوساً للخطر تتحرّك لأجله وزارات ومؤسسات الدولة لاحتواء تلك الأرقام ومعالجة استفحالها أو حتى على الأقل تكذيبها أو تقليل حجمها أو التشكيك في صحتها.
تأثير الأرقام أكبر من التعبيرات المرسلة أو الكلام الإنشائي الذي عادة لا يُأبه له طالما لاتتبعه أرقام تثبت صدقيته وتضعه في حجمه الحقيقي ، هكذا يُفترض لولا أن كثرة من الأرقام بات طرحها من مألوفات الأشياء بالرغم من خطورتها أو لنقل حجم الفزع الذي قد تثيره عند العموم .
الأرقام التي كنت أقصدها ، هي أرقام – على سبيل المثال – تتعلق بحجم العمالة الأجنبية الهاربة أو السائبة ، أو تتعلق بقوائم انتظار الخدمات الإسكانية أو إحصائيات أعداد حالات الطلاق أو المعلقات قضاياهن في المحاكم أو حوادث السيارات أو مخالفات المرور أو ماشابه ذلك من أرقام صارت – من المؤسف له – أنها مقبولة ودارج استخدامها في مجتمعنا الصغير الذي أعتقد أنها –هذه الأرقام – كبيرة عليه .
غير أنه قبل بضعة أيام تفاجأنا بنوع جديد من الأرقام ، هي لاتفزع فحسب ، وإنما ( تخرّع ) ولا أدري كيف جرى تمريرها بدون أن تثير تفاعل أو أية ضجة حتى الآن وكأنها انضمت إلى سلسلة الأرقام الأخرى المألوفة . تلك الأرقام تتعلق بحالات مرض السرطان – أجاركم الله وحفظكم – في البحرين حيث تسجل وزارة الصحة سنوياً (550) إصابة بأنواع مختلفة من السرطانات الخبيثة ، أي بمعدّل (11) إصابة جديدة أسبوعياً بالسرطان !! بمعنى أنه أصبح – أو يكاد – كما الأمراض البسيطة الأخرى مثل الزكام والصداع . هذه الأرقام الكبيرة لمرض في خطورة السرطان تفترض أن هنالك دراسات حول أسباب انتشاره على هذا النحو ، ويُفترض كذلك أن لدينا مراكز أو على الأقل مركز واحد متخصص ومتكامل وعلى مستوى مهني رفيع لعلاج السرطان يغنينا عن العلاج في الخارج . سانحة :
أكثر البرامج والتصريحات الانتخابية لعموم المترشحين تصب في خانة تحسين المستوى المعيشي ، وذلك نظراً للحاجة الماسّة من جهة ، ولاستقطاب الناخبين أيضاً من جهة أخرى . وبالرغم من أهمية هذا الجانب ؛ إلاّ أنه يُؤخذ على غالبهم إغفال أو نسيان جوانب أخرى قد لاتقلّ في سلّم الأولويات ، مثل الخدمات الصحية ورفع مستوى جودتها. إن معدل (11) إصابة جديدة أسبوعياً بالسرطان ، إنما هو موضوع جدير باهتمام الدولة ، وجدير باهتمام من رشحوا أنفسهم لمسك ناصية التشريع والرقابة في بحريننا الغالية .