مع بدايات الصباح الباكر ليوم أمس ؛ اصطحبت والدتي ( تاج راسي ) وهي على كرسيها المتحرك (Wheelchair ) إلى مدرسة المحرق الثانوية للبنات باعتبارها مركزا للاقتراع للدائرة المحرقية الثالثة ، كان الظن بالنسبة لي أن أسبق الازدحام حتى لا تتعب الوالدة حفظها الله . وصلت المدرسة المذكورة مع اقتراب عقارب الساعة للثامنة صباحاً حيث للتوّ تم افتتاح الاقتراع ، وإذا بي أفاجأ أن الطابور قد امتد حينذاك خارج بوابة المدرسة من شدّة الازدحام ، وبالطبع كان من الاستحالة الحصول على موقف قريب للسيارة .

وعلى الفور توجهت إلى مطار البحرين الدولي الذي هو أحد المراكز العامة للاقتراع اعتقادا مني – أيضاً – أن الوقت لايزال باكراً على الازدحام ، وذلك قبل أن أكتشف أن القاعة المخصصة في المطار للاقتراع قد اكتظت بالناخبين عن بكرة أبيها ، ولم ينقذني من الوقوف في الطابور إلاّ المنظمين ورحابة صدر البحرينيين الذين أفسحوا – بطبيعتهم – المجال لوالدتي التقدّم عليهم بكرسيها المتحرّك وأخذوها وقدّموا لها كل المساعدة حتى انتهت من وضع ورقة الاقتراع في الصندوق .

جرت العادة أن الطوابير وحالة الازدحام الشديد ينشأ عنها حالة تذمر واستياء عند من يقف وراء المناضد ومن يقف أمامها ، من يطلب تخليص الخدمة ومن يقوم بتخليصها ، غير أنه بالأمس في المطار كان الطرفان لايظهران أي استياء يُذكر ، وكانوا يقضون وقت الانتظار على طريقة البحرينيين ، سوالف وضحك وأجواء فرح .
الشباب البحريني ( ذكور وإناث ) الذين تولوا التنظيم والإشراف هناك ؛ كانت الابتسامة تملأ محيّاهم جميعهم – دون استثناء – رغم الضغط الكبير لهذه الأعداد التي رأيتها ، تعاملهم الراقي وابتسامتهم وبشاشتهم هي سبب رئيسي للانسيابية التامة وهي كذلك كانت سبباً لأن تدعو لهم والدتي حفظها الله بقولها ( الله يخليكم ) ( الله ييسر أموركم ) و… إلخ . وبالطبع أمهاتنا في المحرق لايتركون مناسبة للدعاء إلاّ ويقولون فيها ( الله يحفظ البحرين ، والله يخلّي لنا شيوخنا ، حمد وخليفة ) .

سانحة :

قد نتفق أو نختلف ، وقد نثني أو ننتقد ، وقد نمدح أو نذم ، وقد نفرح أو نحزن ، وقـد نبالغ أو نشـطّ في سـائر تلك المفـردات ؛ لكننا أمـام مفـردة ” الوطـن” يجـب أن تـكون ( بوصلتنا ) واضحة ؛ فلا نرى من أجله إلا النجوم ، بل شاهق النجوم .
يقول أحد الفلاسفة : ” نظر شخصان عبر نافذة واحدة ، أحدهما رأى الوحل والآخر شاهد النجوم “.