راصد

لو أن العكس هو الذي حصل !

جريمة بشعة وقعت يوم أمس الأول في مدينة كانساس بالولايات المتحدة الأمريكية ، بطلاها اثنان ، أحدهما مسلم والآخر مسيحي اعتاد على مضايقة المسلمين هناك وإطلاق عبارات تهكم مسيئة في حقهم على مدار الفترة السابقة . هذا المسيحي ويُدعى أحمد آدن ، وهو صومالي يبلغ من العمر (34) عاما ؛ ترصد لشاب مسلم صومالي اسمه عبدالصمد شيخ حسن ، عمره (15) عاماً أثناء خروجه مع والده من المسجد فقام بدهسه حتى الموت بسيارته السوداء التي كتب باللون الأبيض على المرآة الخلفية لها عبارة مسيئة للإسلام والمسلمين ، حيث كتب (القرآن فيروس أخطر من الإيبولا ) . في دلالة واضحة على مقدار الكراهية والحقد التي ينضح بها ضد المسلمين .

الجريمة البشعة وقعت ومرّت بهدوء تام ، وبدون ( شوشرة) أو ضجيج إعلامي ، لم تتناقلها الفضائيات أو وكالات الأنباء ، وأعتقد أن أغلبنا لم يسمع بها لأنها لم تُعلن في الآفاق ولم تُطر بها الرُكبان ، ولم تصدر بشأنها بيانات وتقارير وما شابهها من ردود أفعال علينا أن نتصوّرها – مجرّد تصوّر – لو أن العكس هو الذي حصل ، أي لو أن المسلم هو الذي قام بدهس المسيحي ، والأسوأ لو أنها وقعت – فوق ذلك – في إحدى بلدان العروبة والإسلام .

لاشك أن رد الفعل الأمريكي والأوروبي سيكون قاسياً ومجلجلاً ومشبعاً باتهامنا – دول وأفراد – بالإرهاب والتشدّد والتطرّف ، قد تقطع الفضائيات بثها لنقل خبر الحادث ، وستُفرد الوكالات والجرائد صفحات وزوايا لاستعراض هذه الجريمة ، وستتحرّك آلتهم الإعلامية والدبلوماسية والحقوقية بنعت الدين الإسلامي والمسلمين بالتعصّب والعنف ، وأن مناهجهم ومحاضنهم الدراسية تبعث على كراهية الغرب والأديان الأخرى . وسيرسلون وفودهم للتحقيق والمتابعة الجنائية ، وسيلاحقون المتهم وأقاربه ،وسيبحثون عن من يقف ورائه ، ويمكن كل من له علاقة به للمطالبة باعتقالهم وإيداعهم – ربما – في ظلمات ” غوانتنامو ” وأشباهه . سيتكلّمون عن الإسلام كدين للإرهابيين ، وسيستخدمون الحادث الإجرامي ( لو حصل بالعكس) كذريعة لاستمرار مطالباتهم وتحركاتهم وتحالفاتهم بمكافحة الإرهاب ومحاصرة جذوره ، وتجفيف منابعه .

وعلى الجانب الآخر ستنتفض وتتضامن معهم الأنظمة العربية والإسلامية ، وستصدر بيانات شجب واستنكار لهذا الحادث الإجرامي البشع ، وقد ترسل برقيات تعزية ومواساة ، وقد يغرّد وزراء ومسؤولين في ( التويتر ) أو الانستغرام برسائل حزن وإدانات وبكائيات على هذا الدم المهراق ، ثم يستغرقون ويُسهبون في الكلام والتصريح والبيان عن أهمية التعايش بين الأديان ، وأن دين الإسلام هو دين التسامح والرحمة ، وما إلى ذلك من ( فزعة) أمريكية وأوروبية وعربية نتوقعها لو أن الجريمة كانت أن المسلم هو الذي دهس المسيحي بسيارته حتى الموت.

أمَا وأن الجريمة النكراء ، في حقيقتها أن المسيحي هو الذي دهس الشاب المسلم بسيارته التي كتب على مرآتها الخلفية (القرآن فيروس أخطر من الإيبولا ) ؛ فإن الأمر عادي جداً جداً ، فإزهاق أرواح المسلمين وإراقة دمائهم لاتستحق أية ردود أفعال أمريكية أو أوروبية أو عربية إسلامية ، ولاتدخل في نطاق الأعمال الإرهابية ، ولاتستحق حتى أن نعرف عنها .. حسبي الله ونعم الوكيل .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s