راصد

ديون وحمير

كتبت في عمودي المتواضع قبل حوالي أسبوع – أقل أو أكثر – موضوعاً بعنوان ” الشفافية في أزمة النفط والبورصة ، طالبت فيه بكشف أسرار أو أسباب هذا الانهيار في أسعار النفط وتهاوي البورصات ، وتساءلت فيه : هل أن الأمر يجري عن غير قصد أو أنه سبق تعمّد ، أو أنه تم تدبيره بليل لمواصلة مسلسل استنزاف الثروات وإهلاكها .

وقد جاءني رداً على ذلك من أحد ( القروبات ) موضوعاً جميلاً يتضمن تحليلاً أو تفسيراً واقعياً لتساءلاتي أو هي تساءلات الناس في العموم ، الموضوع حمِلَ عنوان ” ديون وحمير ” جاء فيه : احتار الناس في فهم حقيقة ما جرى في الأزمة المالية العالمية الأخيرة!! فتم الطلب من خبير مالي محنّك أن يبسط للناس العاديين أسباب الكارثة التي حدثت في أسواق البورصة فحكى لهم قصة فيلم قديم ، حين باع الناس الحمير فقال: ذهب رجل تاجر إلى قرية نائية ، عارضا على سكانها شراء كل حمار لديهم بعشرة دولارات ، فباع قسم كبير منهم حميرهم، بعدها رفع الرجل السعر إلى (15) دولاراً للحمار، فباع آخرون حميرهم ، فرفع الرجل سعر الحمار إلى (30) دولاراً فباع باقي سكان القرية حميرهم حتى نفذت الحمير من القرية.عندها قال الرجل التاجر لهم : مستعد أن أشتري منكم الحمار بـ (50) دولاراً ثم ذهب التاجر إلى استراحته ليقضي إجازة نهاية الأسبوع حينها زاد الطلب على الحمير ، وبحث الناس عن الحمير في قريتهم والقرى المجاورة فلم يجدوا .

في هذا التوقيت أرسل التاجر مساعده إلى القرية وعرض على أهلها أن يبيعهم حميرهم السابقة بـ(40) دولاراً للحمار الواحد. فقرروا جميعا الشراء حتى يعيدوا بيع تلك الحمير للرجل الذي عرض الشراء منهم بـ(50) دولارا للحمار، لدرجة أنهم دفعوا كل مدخراتهم بل واستدانوا جميعا من بنك القرية حتى أن  البنك قد أخرج كل السيولة الاحتياطية لديه ، كل هذا فعلوه على أمل أن يحققوا مكسباً سريعاً. ولكن للأسف بعد أن اشتروا كل حميرهم السابقة بسعر (40) دولارا للحمار لم يروا الرجل التاجر الذي عرض الشراء بخمسين دولارا ولا مساعده الذي باع لهم.

وفي الأسبوع التالي أصبح أهل  القرية عاجزين عن سداد ديونهم المستحقة للبنك الذي أفلس ، وأصبح لديهم حمير لا تساوي حتى خمس قيمة الديون، فلو حجز عليها البنك مقابل  ديونهم فإنها لا قيمة لها عند البنك وإن تركها لهم أفلس تماما ولن يسدده أحد .

بمعنى آخر أصبح على القرية ديون وفيها حمير كثيرة لا قيمة لها ، ضاعت القرية وأفلس البنك وانقلب الحال رغم وجود الحمير وأصبح مال القرية والبنك بكامله في جيب رجل واحد، وأصبحوا لا يجدون قوت يومهم.

يتواصل الموضوع فيقول : صديقي العزيز : احذف كلمة “حمار” وضع مكانه أي سلعة أخرى: أرض – شقة – سيارة – طعام – ….. إلخ ستجد بكل بساطة أن هذه هي حياتنا الحقيقية التي نحياها اليوم.

مثال عملي: البترول ارتفع إلى (150) دولاراً فارتفع سعر كل شيء: الكهرباء والمواصلات والخبز ولم يرتفع العائد على الناس . والآن انخفض البترول إلى أقل من (60) دولاراً ولم ينخفض أي شيء مما سبق .. لماذا؟ لا أدري!!! الجواب تجدونه في ذات هذه القصة ، قصة ( ديون وحمير ) .. أعزكم الله .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s