راصد

(مالهم مقاقه)

ويمكن أن يُقال أيضا (مالهم بارض)  ؛ التعبيران يؤديان نفس الغرض بحسب اللهجة العامية الدارجة  ، ولهجتنا في عموم أوطاننا الخليجية لاتكاد تخلو من هذه الألفاظ التي قد تعجز المعاجم والقواميس عن كشف معانيها لكنها مع ذلك مستخدمة ومشاعة في حياة الناس وإن كان ليس لها أصل أو معنى واضح في اللغة العربية .

وعلى العموم فإن لفظة (مقاقه) تعني في لهجتنا العامية : سعة الصدر والبال ، وبالتالي فإن الاستخدام الشائع ( ماله مقاقه ) يعني الضّد ، أي ليس له سعة صدر ، بالدقة تعني ( ماله خُلق وبال ) تجاه أمر معين ، إما بسبب الضجر والملل أو الإزعاج أو لدواعي الإحباط أو ماشابه ذلك من أسباب تفقد للشخص حماسه وحيويته وحرصه تجاه أمر معين فيبقى ليُقال عنه ( ماله مقاقه ).

من يلاحظ هذا العام ردة الفعل تجاه صدور تقرير ديوان الرقابة في نسخته الحادية عشرة وضعف التفاعل معه ، وتلاشي الاهتمام المماثل به كما في الأعوام السابقة رغم  زيادة حجم التقرير  وأوراقه ؛ لايمكنه أن يجد تفسيرا لهذه الصورة الباهتة سوى أن الناس صار ( مالهم مقاقه) بعد أن دبّ إلى نفوسهم الإحباط من أن هذا التقرير السنوي أصبح مجرد وسيلة معلوماتية للتعرّف على مقدار الفساد والهدر في المال العام لايترتب عليها أي شيء يستحق أن ينشغلوا به أو يضيعوا أوقاتهم أو ( يحرقوا) أعصابهم في متابعة تفاصيله .

وتبعاً لذلك لم نشاهد هذه المرة الاحتفاء السنوي المعتاد لصدور تقرير ديوان الرقابة ، ذاك الاحتفال الذي كان يمتد لعدة أيام ، تُفرد له صفحات الجرايد وتشتد إزاءه التصريحات ومعها الردود والتهديدات ، وتكون ملاحظاته – التقرير – وقفشاته مادة دسمة للكتاب والصحفيين والمغردين والانستغراميين في شكل يشبه إلى حد كبير مايسمى في موروثنا الشعبي بحالة ( الزيران) التي بالرغم من زيادة الحركة فيها وارتفاع نبرات الصوت والصراخ إلا أنها تنتهي في الختام على خير والجميع أحباب ، ويتناولون مالذ وطاب من أطعمة على مائدة عشاء حفلة ( الزيران ) .

ومادام أن الأمر – صدور التقرير المذكور – أصبح مألوفا ومعتادا ولايثير حماسا وصار الناس لايأبهون به و(مالهم مقاقه ) تجاهه ؛ فإن الاقتراح بعد كل هذه السنوات ( أكثر من عقد من الزمان ) ؛ أن يتحول صدور تقرير ديوان الرقابة إلى مناسبة وطنية ، يجري خلالها تبادل التهاني وإلقاء الكلمات المحتفية به ، وتُمنح بهذه المناسبة إجازة رسمية ، وتقام احتفالية عامة ، تجري فيها مسابقات وتُعرض أغاني وكذلك أفلام شيقة ، وحبذا تكون للراحل فريد شوقي كفيلمه الشهير ( ضاعت فلوسك ياصابر ) ولابأس من إطلاق ألعاب نارية في هذه الاحتفالية الوطنية لإضفاء البهجة والسرور ، بالذات للذين ( مالهم مقاقه ) .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s