أسوأ ما يمكن تصوّر قبوله في عصر التكنولوجيا وتطوراتها المتناهية ، التي اختصرت الزمان والمكان ، وألغت الأوراق والمراسلات التقليدية واستغنت عن المناضد و( الكونترات ) أن تبقى مسألة تخليص المعاملات عندنا في إطارها المعتاد دون أن يطرأ عليها تطوير أو تغيير حقيقي يتماشى مع ما يجري حولنا ، ويتناسب مع توجيهات القيادة العليا بشأن تبسيط الإجراءات وتيسيرها .
الاستراتيجيات التي تقوم عليها المؤسسات والجهات الخدمية في كثير من الدول تعمل – ابتداء – على احترام حق مواطنيها في الحصول على تلك الخدمات دونما أي جهد أو معاناة تفسد عليه هذا الحق ، وفي سبيل ذلك يجري تخليصها على أسس تبسيط إجراءاتها من مثل دمج المحطات واختصار المراجعات ، بل هنالك عملية تجتاح العالم تحت مسمى ” الخدمة الشاملة ” أو ” محطة النقطة الواحدة “.
غير أن الأكثر انتشاراً وتوجها هي توفير الخدمات إلكترونياً ، وماعلى المراجع أو صاحب المعاملة إلاّ أن يضغط بأصابعه على بضعة أزرار في ( كيبورد ) أي جهاز كمبيوتر أو جهاز لوحي أو هاتف ذكي ، ويكون قد أنهى معاملته دونما ( مرمطة ) تتعب أعصابه وتستنزف من جهده وربما لاتقدّر إنسانيته . وبالطبع لاأنكر أن هنالك محاولات جادة من هيئة الحكومة الإلكترونية لبسط بعض الخدمات إلكترونياً لكنها في واقعها غير مكتملة ويستدعي عدد منها تخليصها في مقار تلك المعاملات أو أن بعضها مجرّد ترتيب مواعيد للذهاب إلى مناضد تلك الخدمات .
أقترح في هذا الصدد ، لمعالجة البطء الحاصل في تخليص المعاملات وتيسير الإجراءات ؛ تشكيل لجنة وزارية ، على مستوى عدد من المسؤولين ، يُناط لها دمج المحطات واختصارها وتحديد مدد معقولة ولازمة للانتهاء من كل خدمة . عمل هذه اللجنة لايقتصر على الاستماع من الوزراء أو مسؤولي الجهات المقدمة للخدمات حيث سيبرأون أنفسهم من أي تقصير أو تأخير أو ( بيروقراطية ) وسيظهرون أن الأمور ( تمام في تمام ) .
المعاينة ليست كما الاستماع ؛ هذه اللجنة أو فريق العمل المقترح ، يجب أن يأخذ زمام المبادرة فيتابع بخفاء وسرية عمليات تخليص معاملات لأشخاص حقيقيين في الوزارات والمؤسسات الخدمية ، حتى يتعرف على مكامن الخلل بشكل صادق وأمين ، دون مواربة وتضليل . أحسب أنه قد تكتشف مثل هذه الفرق واللجان أشياء صادمة تتعلق بتعطيل وتعقيد وتأخير و … للمعاملات والترخيصات والتصديقات لاترضي أحد ، ولاتتناسب مع التوجيهات الحكيمة وكذلك التوجهات العالمية في هذا المجال .