دائماً ما تأسرني فرحاً وفخراً بعض مبادرات أو إبداعات يتولى زمامها بحرينيون غيورون ومخلصون ، يبذلون الغالي من جهدهم وأوقاتهم من أجل تقديم خدمة أو عرض معلومة أو توثيقها على درجة عالية من الإخلاص الممزوج بالدقة والحرص ، فتكون مبادرتهم من الثراء بمثابة مرجعية أو قواميس معرفية لها قيمتها وحيويتها حتى وإن تجاهلتها الظروف أو تجاوزها سلّم الاهتمامات بسبب اعوجاجه أو ميله – السلّم – إلى أمور لاتمت إلى العلم والبحث والتوثيق بصلة .

في هذا المجال ؛ بين يدي كتاب أثير صدر قبل حوالي أسبوعين  يحمل اسم ” بهجة العين لبحار البحرين ”  لصاحبه ، ابن قلالي البار ، الربان أحمد بن عيسى البوسميط ، موضوعه يتعلق بجانب هام من تراثنا الخليجي عموماً والبحريني خصوصاً ، ربما لم يُتطرّق له على هذا النحو الموسوعي من قبل ، إنه يخصّ كل ماله علاقة بالبحر في حياة آبائنا وأجدادنا ووصفاً دقيقاً لحقبة عزيزة في تراثنا وتاريخنا ، هي فترة الغوص.

الكتاب المذكور يحتوي على أسماء ومصطلحات تقادم عليها الزمن فطواها النسيان ، وأصبح كثير منها مفردات غريبة ونادرة ، لانعرف نحن منها إلاّ القليل بينما تغيب أو يكاد أبناؤنا يجهلونها تماماً رغم أنها إرث تراثي كوّن في فترة من تاريخ البحرينيين ركناً أساسياً في حياتهم ومعيشتهم يجدر به أن يكون حاضراً في ذاكرتنا المجتمعية ، وموروثاتنا .

أسماء ( محادق البحرين ) وأسماء أسماكها وأنواع الغوص والسفن الخشبية وأحجامها وطرق صيد السمك في البحرين والمصطلحات البحرية ومعانيها والأمثال البحرية الشعبية ونجوم الطوالع في سماء البحرين وغير ذلك كثير من المعلومات القيّمة التي يجدر بنا أن نعلّمها لأبنائنا وننقلها لهم .. فشكراً للأخ العزيز أحمد بن عيسى البوسميط على كتابه القيّم .

سانحة :

من الأمثال البحرية الشعبية الجميلة التي وردت في كتاب ” بهجة العين لبحار البحرين ” مثل يقول : ” لي عدّوا البلدان عدّوا خصيفة أم الصبّان ” وخصيفة قصار ؛ يُقال أنها جزيرة في شمال المحرق ، شبهت خصيفة بالشخصية البسيطة ، فإذا ذُكر شخص معروف وله وزنه وثقله في المجتمع ؛ فلا يُعدّ معه الناس البسيطين .