راصد

الناصح الأمين

ابتداء ؛ فإنه لابد من الإشارة أو الإشادة بأن المستشفى العسكري يعجّ بالكفاءات البحرينية من ذوي التفوق في العلم والخبرة ولم نسمع عنهم في العموم إلاّ التعامل الحضاري والراقي الذي يدلّ على انضباطهم ويعكس السمعة الحسنة عن مستشفاهم . أما حكاية التسجيل الذي تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي عن تعامل أحد الأطباء مع مريضته فإني لن أخوض في تفاصيله مادام أنه قد تم إحالته إلى الجهات القانونية للتحرّي والبحث في ما ورد فيه.

غير أنه يجدر البيان هنا أن هذا التسجيل هو الثالث من نوعه في غضون ستة الأشهر الماضية تقريباً ، يجري فيه تصوير بعض مواقع عمل في مؤسسات الدولة ثم يتم نشره على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي ، وتقوم الجهات المعنية بالتحقيق فيه فتكتشف عدم صدقيّته ، وأنه تم تزييف الحقيقة فيه أو تغييب زوايا وفقد حلقات في تلك التسجيلات لإظهارها على خلاف الواقع .

كان التسجيل الأول في أحد أجنحة مستشفى السلمانية الطبي عندما قام شخص ما بتصوير قاعة الجناح وهي خالية من الأطباء والممرضين ، وأظهر صياح أطفال أو مرضى في التسجيل الذي انتشر على نطاق واسع آنذاك في أدوات التواصل الاجتماعي كدلالة وإثبات على حجم التسيب والإهمال قبل أن تفنّده وزارة الصحة اعتمادا على الكاميرات الأمنية الموجودة في المكان وتمتاز بدقتها التي أظهرت وجود أطباء وممرضين في ذات الوقت الذي ظهر في التسجيل ، وكذبت الادعاء بعدم وجودهم ، بل وأطلعت الجمهور في التليفزيون على من قام بالتصوير وأخذ زوايا معينة خالية أراد بها إثبات الإهمال . وجاء التسجيل المماثل الثاني في إدارة المرور والترخيص ، أيضاً أظهر قاعتهم الكبيرة خالية من الموظفين ، للاستدلال كذلك على الإهمال والتسيب في تقديم الخدمات وإنهاء المعاملات . لم تتأخر وزارة الداخلية في كشف عدم صحة هذا التسجيل ، وفنّدته بالكاميرات الأمنية المثبتة أيضاً في القاعة ، وبحجم المعاملات التي أنجزها الموظفون العاملون بهذه القاعة في ذات وقت التسجيل .

بغض النظر عن كون مثل هذه التسجيلات عفوية ترغب في إظهار مكامن الخلل والتقصير أو منظمة للإساءة إلى مؤسسات الدولة أو أن لها دوافع تتعلق بالكيدية أو تصفية حسابات أو إساءة إلى أشخاص أو جهات بعينها أو ما شابه ، بغض النظر عن كل ذلك ؛ فإن الحريص على الإصلاح والانضباط ، والناصح الأمين يمكنه توثيق مشاهد التسيب أو صور الإهمال أو إساءة المعاملة إن صادفها في أي موقع ونقلها بكل أمانة وثقة إلى الوزراء أو المسؤولين الذين إن تأكد لهم صحتها فإنهم بحسب المنطق والوضع الطبيعي يُفترض منهم مكافأة الناقل الشاكي الذي هو ناصح أمين تستوجب علينا الممارسات الإدارية والمهنية تشجيعه على نصحه المبرأ من أية أغراض أخرى . والصدود عن ذلك هو الذي قد يدفع باللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي طالما أن الآذان المسؤولة قد امتنعت عن سماعه .

سانحة :

بقي أن نشير إلى تنامي ظواهر سيئة تقوم في مجملها على الترصد أو التنصت أو ( التجسس ) يتبعها بعض المرضى أو عديمي الأخلاق ، يجري فيها بالخفاء والسرّ ، وبدون استئذان تسجيل لقاءات أو تصوير مقابلات أو ماشابهها من أعمال توثيق توفرها مختلف الأجهزة التقنية ، صغيرها وكبيرها ، ثم تنشأ عنها قصص تهديد أو ابتزاز أو ابتذال .. نتمنى من المعنيين والمشرّعين دراسة تحجيم استفحال هذه الظاهرة غير الأخلاقية .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s