نافذة الجمعة

كيف تجعل المرض صديقاً

الشاب البحريني العزيز على قلوبنا محمد جاسم شويطر منحه الله القوة والبأس للتعايش والصبر على مرضه رغم قساوته وآلامه التي استطاع أن يتجاوزها ويمارس حياته ، بكامل مفرداتها ، وبكلّ جسارة ورباطة جأش قبل أن يصرعه المرض ويودّع دنيانا الفانية ويترك أحزاناً وآلاماً لدى أهله ومحبّيه وكل من عرف أو عايش كفاحه وتجربة تغلّبه على مظاهر المرض العضال الذي أصابه .

كان الشعار الذي رفعه محمد جاسم شويطر وأصبح يردّده في لقاءاته ومقابلاته بكل أمل وفرح أن على الإنسان أن يتقبّل حياته كما هي ، و أن الإنسان يستطيع أن يتحدى المرض وأن يمارس أحلامه كما يشاء ، وأن لايدع للمرض فرصة أن يفتك بآماله أو يقتل موهبته أو يقضي على حبّه للعطاء .

في أوج مرضه رحمه الله ، وإبّان رحلته للعلاج من مرض الهودجكن (Hodgkin) – وهو أحد أنواع الأمراض السرطانية – وبعد معاناته ومشاهدة معاناة الآخرين من آثار العلاج الكيماوي ثم الإشعاعي ، وهي آثار تكاد تجعل المريض عاجزاً عن حتى النهوض من على السرير ؛ قرّر أن يتحدّى كل ذلك الألم والتعب ، وأن يقدّم تجربة فريدة في المجال الذي أبدع فيه ، مجال الفن السينمائي ، وأن يبدع في فكرة يمتدّ أثرها للأصحاء قبل المرضى ، فقام بإعداد وإخراج فيلم سينمائي حمِل عنوان ” هودجكن .. كيف تجعل المرض صديقاً ” وثّق فيه مرضه واللحظات التي عاشها أثناء العلاج ، وصوّر حياته مع الأطباء والممرضين ، وكل ما يدور أو يتعلّق بهذه الفترة التي أراد من توثيقها على هذا النحو رفع معنويات المرضى وإيصال رسالة مفادها قدرتهم على العيش مع المرض ، وأن الحياة لا تنتهي بمجرّد الإصابة به ، خاصة وأن الكثيرين ينهون حياتهم عند مرضهم ، بل قد يموتون وهم لازالوا أحياء .

فيلم محمد شويطر نال إعجاب الناس ، داخل البحرين وخارجها لأنه تعبير حقيقي عن الإبداع أو شجاعة المبدع ، جسّدها صاحب الفيلم في نفسه ومواجهته لمرضه ، فاستحق عنه بكل اقتدار جائزة دولية في مجاله السينمائي ، لكنه حصل على أكبر من ذلك حينما بعث رسالة لكل للمرضى والأصحاء ، مفعمة بالأمل وعدم اليأس من الحياة.

رحم الله الشاب محمد جاسم شويطر وأسكنه فسيح جنانه وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان ، وأسأل المولى عز وجل أن يعطي كافة المرضى جميل صبر محمد على مرضه وتعايشه معه رغم قساوته وآلامه التي استطاع أن يتجاوزها…

سانحة:

قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ” إن العبد إذا سبقت له من الله منـزلة لم يبلغها بعمله ، ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ، ثم صبّره على ذلك ، حتى يبلغه المنـزلة التي سبقت له من الله تعالى “

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s