راصد

الرسوم الصحية .. الوجه الآخر

هنالك معضلة يصعب حلّها ، وربما يصعب أيضاً الكلام فيها ، تتعلق – إن صحّ التعبير – بكيفية تحقيق توازن في سوق العمل بين الحقوق والواجبات أو بين المزايا التي يتمتع بها العمّال والمقابل الذي يدفعونه عنها .

تزداد هذه المعضلة في ظل أوضاع معيشية ليست على مايرام ، من حيث ضعف المداخيل وغلاء للأسعار يتزايد ولاينقص بشكل يصعب معه فرض أية رسوم أو زيادتها لأنها ستنعكس – بلاشك- في تغطية تكاليف الرسوم الزائدة أو الجديدة ، وسيترتب عليها عبئاً آخر ومضافاً إلى سلسلة أعباء يئن من وطئتها المواطنون .

إن أي زيادة هنا سيقابلها تعويض هناك ؛ هي معادلة باتت السلطات ، سواء التنفيذية أو التشريعية تنأى عن الإقدام عليها حتى لو كانت غاياتها ومبرراتها صحيحة أو سويّة . ولذلك – على سبيل المثال – فإن أي كلام عن إعادة توجيه الدعم الحكومي للسلع والخدمات يبقى معلّقاً ومؤجلاً ، لالشيء سوى الخوف من انعكاساته أو ماقد سيترتب عليه ، بالرغم من أن كل الكلام عن إعادة توجيه الدعم الحكومي يتركز حول تحقيق قصر الاستفادة منه للمواطنين من دون غيرهم من أجانب وشركات وفنادق ومطاعم ومصانع و… إلى آخره من شرائح تشترك في الاستفادة من هذا الدعم الذي وُجد – أصلاً – للمواطن . ومع نبْل هذا الهدف وسلامة مقصده فإن الكلام في الموضوع يبقى مخيفاً ويُترك مؤجلاً بسبب المعادلة إيّاها ، معادلة إن أي زيادة هنا سيقابلها تعويض هناك .

مؤخراً أصدر سعادة وزير الصحة القرار رقم (29) لسنة 2014 بشأن تحديد وتنظيم الرعاية الصحية الأساسية لعمال المنشآت، والذي يلزم جميع شركات ومؤسسات القطاع الخاص بدفع (72) ديناراً سنوياً عن العامل غير البحريني و (22.5) ديناراً سنوياً عن العامل البحريني . فنال هذا القرار ماترون وتسمعون من اعتراضات وتحفظات من المرجح أنها ستؤدي إلى تجميده أو وقف العمل به إلى أجل غير مسمى . وذلك بالرغم من أن الحديث عن ضرورة التأمين الصحي للعمالة الأجنبية موضوع معمول به في كثرة من البلدان القريبة والبعيدة ، وهو أيضاً موضوع مثار في البحرين منذ أكثر من عقد من الزمان ، وشُكّلت لدراسته وتنفيذه لجان ولجان بقيت خططها وقراراتها بشأنه حبيسة الأوراق والأحبار التي كُتبت بها . وهو كذلك – وهو الأهمّ – أحد البدائل والخيارات الطبيعية لكي تتمكن الدولة من تجويد خدماتها الصحية في ظل أنها تنفق جزءاً ضخماً وكبيراً من ميزانياتها على توفير هذه الخدمات بشكل مجاني لايتناسب مع الزيادة المضطردة من المواطنين والمقيمين التي يكون بالتالي تقديمها على حساب كفاءتها وجودتها . فضلاً عن الحد من قدرتها على الاستمرار في تجويد هذه الخدمات الصحية وتطويرها وتقديمها على النحو الذي يتناسب مع المأمول منها من قبِل المواطنين الذين بات الأجانب يتشاركون معهم ويستنزفون ذات مرافقهم وخدماتهم ، بالمجان ، وعلى السواء .

سانحة :

في لقاء سابق قبل بضعة أشهر ؛ قال سعادة وزير العمل أنه ” يوجد (180) رجل أعمال لديهم عمال مصابون بأمراض معدية خطيرة ويرفضون تسفيرهم ” وأضاف ” أنه يوجد (10) آلاف حالة يرفض أصحاب العمل إحالتهم إلى الكشف الطبي “.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s